التفاسير

< >
عرض

وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً
٩
-النساء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى:
قيل في معنى الآية أربعة أقوال:
أحدها - النهي عن الوصية بما يجحف بالورثة، ويضرّ بهم، هذا قول ابن عباس، في بعض الروايات، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، والسدي، والضحاك، ومجاهد.
الثاني - قال الحسن: كان الرجل يكون عند الميت فيقول: أوص بأكثر من الثلث من مالك، فنهاه الله عن ذلك.
الثالث - روي عن ابن عباس: أنه خطاب لولي مال اليتيم، يأمره بأداء الأمانة فيه، والقيام بحفظه، كما لو خاف على مخلفيه، إذا كانوا ضعافا، وأحب أن يفعل بهم.
الرابع - قال مقسم: هي في حرمان ذوي القربى أن يوصي لهم، بأن يقول الحاضر للوصية: لا توص لأقاربك، ووفر على ورثتك.
اللغة:
والذرية: على وزن فعلية، منسوبة إلى الذر، ويجوز أن يكون أصلها ذرورة، لكن الراء أبدلت ياء، وأدغمت الواو فيها، وهي بضم الذال، ويجوز فيها كسرها، وقد قرئ به في الشواذ، ومن كسر الذال فلكسرة الراء، كما قالوا في عَتى عِتي، وعِصي، وضعاف: جمع ضعيف وضعيفة، كقولك: ظريف وظريفة وظراف، وخبيث وخباث، ويجمع أيضاً ضعفاء. وأصل الضعاف من الضعف، وهو النقص في القوة، ومنه المضاعف، لأنه ينفي الضعف، ومنه الضعف. وقوله: { فليتقوا الله } يعني: فليتقوا معاصيه، { وليقولوا قولاً سديداً } وهو السليم من خلل الفساد، وذلك الحق بالدعاء إلى العدل في القسم بما لا يجحف بالورثة، ولا يحرم ذوي القربي، وأصل السديد من سد الخلل، تقول: سددته أسده سدا، والسداد: الصواب، والسداد - بكسر السين - من قولهم: فيه سداد من عوز، وسدد السهم: إذا قومه، والسُّد الردم، والسدة في الأنف.
المعنى:
ومعنى الآية، أنه ينبغي للمؤمن الذي لو ترك ذرية ضعافا بعد موته، خاف عليهم الفقر والضياع، أن يخشى على ورثة غيره من الفقر والضياع، ولا يقول لمن يحضر وصيته أن يوصي بما يضر بورثته، وليتق الله في ذلك، وليتق الاضرار بورثة المؤمن، وليقل قولا سديدا، ولذلك نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يوصى بأكثر من الثلث، وقال: "والثلث كثير" وقال لسعد
" لأن تدع ورثتك أغنياء أحب الي من أن تدعهم عالة يتكففون الناس بأيديهم"
".