التفاسير

< >
عرض

رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ
١٢
أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ
١٣
ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ
١٤
إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ
١٥
يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ
١٦
-الدخان

التبيان الجامع لعلوم القرآن

لما اخبر الله تعالى أن الدخان يغشى الناس عذابا لهم وعقابا للكفار، وحكى أنهم يقولون هذا عذاب أليم، حكى ايضا انهم يقولون ويدعون { ربنا اصرف عنا العذاب } الذي أنزلته من الدخان { إنا موقنون } بأنه لا إله غيرك، وأن لا يستحق العبادة سواك. فقال تعالى { أنى لهم الذكرى } قال ابن عباس معناه (كيف)؟ وقال غيره معناه من أين لهم الذكرى { وقد جاءهم رسول مبين } وحثهم على ذلك فلم يقبلوا منه، وهذا زمان سقوط التكليف لكونهم ملجئين فلا تقبل لهم توبة.
وقوله { ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون } قال مجاهد: المعنى ثم تولوا عن محمد صلى الله عليه وآله وقالوا هو معلم يعلمه غيره، ونسبوه إلى الجنون، وأنه مجنون. ثم قال تعالى { إنا كاشفوا العذاب قليلا } على وجه التبكيت لهم على شدة عنادهم إنا لو كشفنا عنكم العذاب ورفعناه عنكم { إنكم عائدون } فمن قال إن العذاب بالدخان عند رفع التكليف قال { إنكم عائدون } فى العذاب، وهو قول قتادة ومن ذهب إلى انه فى الدنيا مع بقاء التكليف، قال معناه { إنكم عائدون } في الضلال. وهو قول جماعة.
وقوله { يوم نبطش البطشة الكبرى } فالبطش الأخذ بشدة وقع الألم، بطش به يبطش بطشاً، ومثله عرش يعرش ويعرش، وهو باطش، واكثر ما يكون بوقوع الضرب المتتابع، فأجري افراغ الألم المتتابع مجراه و { البطشة الكبرى } قال ابن مسعود ومجاهد وابو العالية، وروى عن ابن عباس وابي بن كعب والضحاك وابن زيد: هو ما جرى عليهم يوم بدر - وفي رواية أخرى عن ابن عباس والحسن انه يوم القيامة، وهو اختيار الجبائي.
وقوله { إنا منتقمون } اخبار منه تعالى أنه ينتقم من هؤلاء الكفار بانزال العقوبة بهم، وقد فرق قوم بين النقمة والعقوبة: بأن النقمة ضد النعمة، والعقوبة ضد المثوبة، فهي مضمنة بأنها بعد المعصية فى الصفة، وليس كذلك النقمة وإنما تدل الحكمة على انها لا تقع من الحكيم إلا لأجل المعصية.