التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ
٥٦
-المائدة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قيل في معنى قوله { ومن يتولى الله ورسوله } قولان:
أحدهما - قال أبو علي من يتولى القيام بطاعة الله ورسوله ونصرة المؤمنين.
الثاني - من يكون ولياً لله ورسوله والمؤمنين: بنصرة دين الله والاخلاص له. ولا يدل ذلك على أن الولاية الأولى هي تولي النصرة من حيث كان في هذه الآية كذلك، لأنه لا تنافي بين أن تفيد الآية الاولى الطاعة وإِن أفادت الثانية تولى النصرة وليس يجب أن تحمل الثانية على الآية الاولى من غير ضرورة.
على أن في أصحابنا من قال: هذه الآية مطابقة للأولى وأنها تفيد وجوب طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة الذين آمنوا، وهم الذين ذكرهم الله في الآية فعلى هذا زالت الشبهة.
و "من" رفع بالابتداء. والجملة خبر عنه وفي { يتولى } ضمير يعود الى (من) والعائد الى "من" معنى الخبر، كأنه قال، فهو غالب وصار هذا الكلام في موضعه، وهذا العائد في موضع الجواب. ومعنى "من" في الجزاء معنى "إِن" فلهذا جزمت الفعل المضارع، و "لو" لا تجزم لانها للماضي، وليست بمعنى "إِن" وإِنما يعرب الفعل المضارع دون الماضي. والفرق بين "من" و "الذي" من ثلاثة أوجه أحدها - أن "من" لما يعقل و "الذي" مشتركة. و "من" في الجزاء لما يستقبل، وهي في معنى "إِن" وليس كذلك "الذي" وثالثها - أن "من" تجزم ولا تحتاج في الجزاء والاستفهام الى صلة ولا يكون جوابها إِلا بالفعل والفاء.
وقوله: { فإن حزب الله هم الغالبون } قال الحسن حزب الله جند الله. وقال غيره انصار الله قال الشاعرة:

وكيف أضوى وبلال حزبي

أي كيف استضام وبلال ناصري. وأصله النائبة من قولهم: حزبه الأمر يجزبه حزباً اذ أنابه، وكل قوم تشابهت قلوبهم وأعمالهم فهم أحزاب. ومنه قوله { { أولئك الأحزاب } } { { كل حزب بما لديهم فرحون } . و { إِن حزب الشيطان هم الخاسرون } وتحزب القوم اذا اجتمعوا كالاجتماع على النائبة. وأرض حزبة غليظة وحمار حزابية مجتمع الخلق غليظ.