التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَٰفِلُونَ
١٣١
-الأنعام

التبيان الجامع لعلوم القرآن

موضع { ذلك } من الاعراب يحتمل أمرين:
احدهما - أن يكون رفعا كأنه قال: الامر ذلك، لانه لم يكن { ذلك } إِشارة الى ما تقدم ذكره من العقاب والجواب بأن مثواهم النار.
والثاني - ان يكون نصبا، وتقديره فعلناه ذلك لهذا.
وانما جازت الاشارة بذلك الى غير حاضر لان ما مضى صفة حاضرة للنفس فقام مقام حضوره، ويجوز الاشارة الى هذا الذي تقدم ذكره.
وقوله { أن لم يكن } فـ (أن) هي المخففة من الثقيلة. والمعنى لانه لم يكن ومثلها التي في قول الشاعر:

في فتية كسيوف الهند قد علموا أن هالك كل من يحفى وينتعل

فـ (أنَّ) المفتوحة لا بد فيها من إِضمار الهاء، لانه لا معنى لها في الابتداء وانما هي بمعنى المصدر المبني على غيره. والمكسورة لا تحتاج الى ذلك، لانها يصح ان تكون حرفا من حروف الابتداء فلا تحتاج الى اضمار.
وقوله { بظلم } قيل في معناه قولان:
احدهما ما ذكره الفراء والجبائي: انه بظلم منه على غفلة من غير تنبيه وتذكير ومثله قوله
{ وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون } }. الثاني - بظلم منهم حتى يبعث اليهم رسلا يزجرونهم ويذكرونهم على وجه الاستظهار في الحجة دون ان يكون ذلك واجبا، لانهم بما فعلوه من الظلم قد اسحقوا العقاب.
ومن استدل بذلك على انه لا يحسن العقاب الا بعد انفاذ الرسل، فقد أجبنا عن قوله في الآية الاولى.