التفاسير

< >
عرض

وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ
١٢٦
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

في هذه الآية إِخبار عما قالت السحرة حين آمنوا وتوعدهم فرعون بأنواع العذاب بأنهم قالوا له: إِنا راجعون الى الله، وقالوا له أيضاً: ليس تنقم منا إِلا إِيماننا بالله وتصديقنا بآياته التي جاءتنا. والنقمة الأخذ بالعقوبة: نقَم ينقِم، ونقُم ينقُم، واللغة الاولى أفصح وانتقم انتقاماً ونقمة، فالنقمة ضد النعمة.
والفرق بين النقمة والاساءة ان النقمة قد تكون بحق، جزاء على كفر النعمة، ولذلك يقال انتقم الله من فلان نقمة عاجلة، والاساءة لا تكون إِلا قبيحة، لأنه ليس لأحد أن يسىء في فعله، والمسىء مذموم على اساءته.
وقوله تعالى { ربنا أفرغ علينا صبراً } حكاية عن قول هؤلاء السحرة الذين آمنوا، وأنهم بعد أن قالوا لفرعون ما قالوه، سألوا الله تعالى أن يفرغ عليهم صبراً، ومعناه أن يفعل بهم من اللطف ما يصبرون معه على عذاب فرعون ويتشجعوا عليه، ولا يفزعوا منه.
والافراغ صب ما في الاناء أجمع، حتى يخلو، مشتقاً من الفراغ، والفراغ نقيض الشغل، وقيل: أفرغ عليه الصبر تشبيهاً بافراغ الاناء، كما يقال صب عليه العذاب صباً، والصبر هو حبس النفس عن إِظهار الجزع، صبر يصبر صبراً والصبر على الحق عزًّ، كما أن الصبر على الباطل ذل. والصبر في الجملة محمود، قال الله تعالى { واصبر على ما أصابك إِن ذلك من عزم الأمور }.
وقوله تعالى { وتوفنا مسلمين } رغبة منهم الى الله تعالى وسؤالهم إِياه بأن يقبضهم اليه ويميتهم في حال السلامة.