التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ
١٤١
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابن عامر { نجيناكم } على لفظ الماضي. الباقون "أنجيناكم" وقرأ نافع وحده { يَقتلون } بالتخفيف. الباقون بالتشديد. من شدد أراد التكثير. ومن خفف، فلأنه يحتمل القلة والكثرة.
وقد مضى تفسير مثل هذه الآية في سورة البقرة فلا وجه للتطويل بتفسيرها، وإِنما نذكر جملها، فنقول: هذا خطاب لبقية بني اسرائيل الذين كانوا في زمن النبى (صلى الله عليه وسلم) فقال لهم على وجه الامتنان عليهم بما أنعم على آبائهم وأسلافهم واذكروا { إِذ أنجيناكم } من آل فرعون بمعنى خلصناكم لأن النجاة الخلاص مما يخاف الى رفعة من الحال، وأصله الارتفاع، فمنه النجا أي الارتفاع في السير، ومنه قوله
{ ننجيك ببدنك } أي نلقيك على نجوة من الأرض، والنجو كناية عن الحدث، لأنه كان يلقى بارتفاع من الارض للابعاد به، وقد كان أيضاً يطلب به الانخفاض للابعاد به.
والفرق بين (أنجيناكم) وبين (نجيناكم) أن ألف (أنجيناكم) للتعدية وتشديد (نجيناكم) يحتمل التعدية، ويحتمل التكثير.
وقوله تعالى { يسومونكم } معناه يولونكم اكراها ويحملونكم اذلالا { سوء العذاب } وأصل السوم مجاوزة الحدِّ فمنه السوم في البيع، وهو تجاوز الحد في السعر الى الزيادة، والسائمة من الابل الراعية، لأنها تجاوزت حد الانبات للرعي، ومنه فلان سيم الخسف أي ألزمه إِكراهاً، و (السوء) مأخوذ من أنه يسوء النفس لنافرية لها. { يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم } معناه إِن فرعون كان يقتل من تولد من بني اسرائيل ذكراً ويستبقي الإِناث للاستخدام.
وقوله تعالى { وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم } فالمراد بالبلاء ها هنا النعمة وقد يكون بمعنى النقمة، وأصله المحنة، فتارة تكون المحنة بالنعمة، وأخرى بالنقمة، وبالخير تارة وبالشر أخرى.