التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٤٧
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا إِخبار من الله تعالى أن الذين كذبوا بآياته، وجحدوا البعث والنشور في الآخرة. وهي الكرة الثانية، لأنه حقيق على من عرف النشأة الأولى ألا ينكر النشأة الأخرى، لأن الذي قدر على الأولى، فهو على الثانية أقدر، كما أن من بنى دارا ابتداء، فهو على اعادتها أقدر.
وأصل اللقاء إِلتقاء الحدين. ثم يحمل على الادراك، فيقال لما أدركه: لقيه، فهؤلاء، كذبوا بادراك الآخرة استبعاداً لكونها.
وقوله { حبطت أعمالهم } إِخبار من الله تعالى أن من كذب بآياته وجحد البعث والنشور تنحبط أعماله، لأنها تقع على خلاف الوجه الذي يستحق بها المدح والثواب فيصير وجودها وعدمها سواء، والحبوط سقوط العمل حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل.
وأصل الاحباط الفساد مشتق من الحبط، وهو داء يأخذ البعير في بطنه من فساد الكلأ عليه، يقال: حبطت الابل تحبط: إِذا أصابها ذلك، واذا عمل الانسان عملا على خلاف الوجه الذي أمر به يقال: أحبطه، بمنزلة من يعمل شيئاً ثم يفسده.
وقوله { هل يجزون إِلا ما كانوا يعملون } أي به، وصورته صورة الاستفهام والمراد به الانكار والتوبيخ، والمعنى ليس يجزون إِلا ما كانوا يعملون إِن خيراً فخيراً وإِن شراً فشراً.