التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْآنُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٢٠٤
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

امر الله تعالى المكلفين بأنه إذا قرئ القرآن ان يسمعوا له ويصغوا إليه ليفهموا معانيه ويعتبروا بمواعظه وان ينصتوا لتلاوته ويتدبروه ولا يلغوا فيه ليرحمهم بذلك ربهم، وباعتبارهم به وإتعاضهم بمواعظه.
واختلفوا في الوقت الذي أمروا بالانصات والاستماع:
فقال قوم: امروا حال كون المصلي في الصلاة خلف الامام الذي يأتم به. وهو يسمع قراءة الامام، فعليه أن ينصت ولا يقرأ ويتسمع لقراءته.
ومنهم من قال: لأنهم كانوا يتكلمون في صلاتهم ويسلم بعضهم على بعض، وإذا دخل داخل وهم في الصلاة قال لهم كم صليتم فيخبرونه وكان مباحاً فنسخ ذلك، ذهب اليه عبد الله بن مسعود، وأبو هريرة والزهري وعطا عبيد الله بن أبي عمير ومجاهد وقتادة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والضحاك وابراهيم وعامر الشعبي وابن عباس وابن زيد، واختاره الجبائي.
وقال قوم: هو امر بالانصات للامام إذا قرأ القرآن في خطبته. روي ذلك عن مجاهد. وقال قوم: هو امر بذلك في الصلاة والخطبة. وروي ذلك عن مجاهد ايضاً، والحسن. واقوى الأقوال الاول. لأنه لا حال يجب فيها الانصات لقراءة القرآن إلا حال قراءة الامام في الصلاة، فان على المأموم الانصات لذلك والاستماع له. فأما خارج الصلاة فلا خلاف أنه لا يجب الانصات والاستماع. وعن أبى عبد الله عليه السلام انه في حال الصلات وغيرها. وذلك على وجه الاستحباب.
وقال الجبائي: يحتمل ان يكون اراد الاستماع إذا قرأ النبي صلى الله عليه وآله عليهم ذلك، فانه كان فيهم من المنافقين من لا يستمع. والاول اكثر فائدة وأعم. وقال الزجاج: يجوز أن يكون الأمر بالاستماع للقرآن للعمل بما فيه وان لا يتجاوزه كما تقول سمع الله لمن حمده بمعنى أجاب الله دعاه، لأن الله سميع عليم.
والانصات السكوت مع الاستماع، قال الطرماح يصف وحشاً، وحذرها الصيادين:

يخافتن بعض المضغ من خشية الردى وينصتن للسمع إنصات القناقن

والقناقن عراف الماء.