التفاسير

< >
عرض

فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ
٦٤
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا اخبار من الله تعالى عن قوم نوح أنه لم ينفع فيهم ذلك التخويف ولا الوعظ والزجر، وأنهم كذبوه يعني نوحاً. ومعناه أنهم نسبوا خبره الى الكذب، لأن التكذيب نسبة الخبر الى الكذب، والتصديق نسبة الخبر الى الصدق، وهذا مما يختلف فيه معنى (فعَّل، وفَعَل).
وقوله { فأنجيناه } إِخبار من الله تعالى انه أنجا نوحاً، والانجاء هو التخليص من الهلكة، والاهلاك الايقاع فيها وهي المضرة الفادحة. { ومن معه } يعني وأنجا من معه من المؤمنين به { في الفلك } وهي السفن ويقع على الواحد والجمع بلفظ واحد، وأصله الدور مشتق من قولهم: فلك ثدي الجارية، إِذا استدار، ومنه الفلكة والفلك من هذا، لأنه يدور على الماء كيف أداره صاحبه.
وقوله { وأغرقنا الذين كذبوا } والاغراق هو الغوص المتلف في الماء، وأصله الغوص في الشىء، فمنه اغرق في النزع، ولا تغرق في هذا الأمر.
وقوله { إِنهم كانوا قوماً عمين } فيه بيان أنه إِنما أغرقهم وأهلكهم، لأنهم كانوا عمين. والعمى الضلال عن طريق الهدى، فهم كالعمي في أنهم لا يبصرون طريق الرشد، فهم عمي عن الحق.