التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ
٦٥
-الأنفال

التبيان الجامع لعلوم القرآن

وهذا ايضاً خطاب للنبى صلى الله عليه وآله يأمره الله بأن يحرض المؤمنين على قتال المشركين.
والتحريض والحث نظائر، وهو الدعاء الأكيد بتحريك النفس على أمر من الامور. وضده التفتير. والمعنى حثهم على القتال. والتحريض الحث على الشيء الذي يعلم معه انه حارض إن خالف وتأخر. والحارض هو الذي قارب الهلاك. ومنه قوله: { حتى تكون حرضاً } اي حتى تذوب غما على ذلك وتقارب الهلاك
{ { أو تكون من الهالكين } وحارض فلان على أمره إذا واظب عليه. والتحريض ترغيب في الفعل بما يبعث على المبادرة اليه مع الصبر عليه. والقتال محاولة الصد والمنع بما فيه تعرض للقتل. والمجاهدة ان يقصد إلى قتل المشركين بقتاله، ومن يدفع عن نفسه فليس كذلك. والصبر هو حبس النفس عما تنازع اليه من صد ما ينبغي أن يكون عليه وضده الجزع، وقال الشاعر:

فان تصبروا فالصبر خير مغبة وان تجزعا فالامر ما تريان

والغلبة الظفر بالبغية في المحاربة قتلا او اسراًِ او هزيمة. وقد يقال في الظفر بالبغية في المنازعة بالغلبة. ومعنى { لا يفقهون } ها هنا انهم على جهالة، خلاف من يقاتل على بصيرة، وهو يرجو به ثواب الاخرة. وقال قوم: معناه لا يعلمون ما لهم من استحقاق الثواب بالقتال. وقوله { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين } وان كان بلفظ الخبر، فالمراد به الأمر، ويدل على ذلك قوله { الآن خفف الله عنكم } لأن التخفيف لا يكون الا بعد المشقة.