التفاسير

< >
عرض

خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
٢٢
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

{ خالدين } نصب على الحال من الهاء والميم في قوله: "لهم" والخلود في العرف الدوام في الشيء كالخلود في الجنة مأخوذ من قولهم: خلد هذا الكتاب في الديوان على تقدير الدوام من غير انقطاع. والابد الزمان المستقبل من غير آخر كما أن (قط) للماضي تقول: ما رأيته قط، ولا أراه ابداً وجمع الابد آباد وأبود تقول لا أفعل ذلك أبداً، وتأبد المنزل اذا اقفر وأتى على الابد، والا وابد الوحوش سميت بذلك لطول أعمارها وبقائها. وقيل: لم يمت وحش حتف أنفه وانما يموت بآفة، وجاء فلان بأبدة اي بداهية وأتان آبد تسكن القفر متأبدة.
وقوله { إن الله عنده أجر عظيم } اخبار منه تعالى ان عنده الجزاء أي في مقدوره الجزاء الذي يستحق بالاعمال تقول: أجره يأجره أجراً وآجره إجارة واستأجره استئجاراً ومنه الاجير.
وقوله { عظيم } يعني كبير متضاعف لا تبلغه نعمة غيره من الخلق، والابد قطعة من الدهر متتابعة في اللغة قال الحر بن البعيث:

أهاج عليك الشوق اطلال ذمنة بناصفة البردين أو جانب الهجل
اتى ابــد من دون حدثــان عهـدها وجـرت عليهـا كــل نافحـة شمـــل

ومن الدليل على أن الابد قطعة من الدهر أنه ورد مجموعاً في كلامهم. قالت صفية بنت عبد المطلب تخاطب ولدها الزبير:

وخالجت آباد الدهور عليكــم وأسماء لم تشعر بذلك أيـــم
فلو كان زبر مشـركاً لعذرته ولكن زبراً يزعــم النــاس مسلـــم

ويقال: تأبد الربيع إذا مر عليه قطعة من الدهر وليس يعنون انه مر عليه أبد لا غاية له قال مزاحم العقيلي:

أتعرف بالغريق داراً تأبدت من الحي واستبقت عليها العواصف

فأما الخلود، فليس في كلام العرب ما يدل على انه بقاء لا غاية له وإنما يخبرون به عن البقاء إلى مدة كما قال المخبل السعدي:

الا رمـــاداً هامــداً دفعــت عنــه الريــاح خوالــد سـحــــم

اراد دفع الرياح عن النؤي إلى هذا الوقت هذه الاثافي التي بقيت إلى هذا الوقت.