التفاسير

< >
عرض

كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ فَمَا ٱسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَٱسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ
٧
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قال الفراء: هذا على التعجب كما تقول: كيف تستبقي مثلك؟! اي لا ينبغي ان يستبقى، وفي قراءة عبد الله: كيف يكون لهم عهد عند الله، ولا ذمة، فادخل الكلام "لا" مع الواو، ولان معنى الاول جحد. وقال غيره: في الكلام حذف لان الكلام خرج مخرج الانكار عليهم. وتقديره كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله مع اضمار الغدر في عهدهم، فجاء الانكار ان يكون لهم عهد مع ما ينبذ من العهد على ذلك، وذلك يقتضي اضمار الغدر فيما وقع من العهد. ثم استثنى من ذلك { الذين عاهدتم عند المسجد الحرام } فكان ذلك ايجاباً فيهم لان ما قبله في معنى النفي، والتقدير ليس للمشركين عهد الا الذين. وموضع { الذين } يحتمل الجر والنصب. وحكى الكسائي: اين كنت لتنجو مني اي ما كنت.
و { المسجد } الموضع المهيأ لصلاة الجماعة، والمراد ها هنا مسجد مكة خاصة واصله موضع السجود كالمجلس موضع الجلوس و { الحرام } المحظور بعض احواله فالخمر حرام لحظر شربها وسائر انواع التصرف فيها. والام حرام بحظر نكاحها والمسجد الحرام لحظر صيده وسفك الدم فيه وابتذاله ما يبتذل به غيره. وقوله { فما استقاموا لكم } معناه ما استمروا لكم على العهد. والاستقامة الاستمرار على جهة الصواب. ومتى كان الاستمرار على وجه الخطأ لا يسمى استقامة. ومعنى { فاستقيموا لهم } استمروا لهم على العهد مثلهم والمراد بالذين عوهدوا عند المسجد الحرام، قيل فيهم ثلاثة اقوال: قال مجاهد: هم خزاعة. وقال ابن اسحاق: هم قوم من بني كنانة. وقال ابن عباس: هم قريش.
وقوله { إن الله يحب المتقين } اخبار منه تعالى انه يحب من يتقي معاصيه ويعمل بطاعاته وانه يريد ثوابه ومنافعه. وفي الآية دليل على ان تمكين الحربي من المقام في دار الاسلام بعد قضاء حاجته ليس بجائز.