التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ
٧٨
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

الالف في قوله { ألم يعلموا } الف استفهام والمراد به الانكار. يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله { ألم يعلموا } هؤلاء المنافقون { أن الله يعلم سرهم } يعني ما يخفون في أنفسهم وما يتناجون بينهم، والمعنى انه يجب عليهم أن يعلموا ذلك. تقول: اسره إسراراً، واستسّر استسراراً، وساره مسارة وسراراً، وتسارا إسراراً، والاسرار اخفاء المعنى في النفس والنجوى رفع الحديث باظهار المعنى لمن يسلم عنده من اخراجه إلى عدّو فيه لأنه من النجاة تقول: ناجاه مناجاة، وتناجوا تناجياً فكأن هؤلاء المنافقون يسرّون في أنفسهم الكفر ويتناجون به بينهم. وقيل: السرّ والنجوى واحد مكرر باختلاف اللفظين كما يقول القائل: آمرك بالوفاء وأنهاك عن الغدر والمعنى واحد مكرر باختلاف اللفظين. وقوله { أن الله علام الغيوب } معناه يعلم كل ما غاب عن العباد مما غاب عن احساسهم او ادراكهم من موجود أو معدوم من كل وجه يصح ان يعلم منه، لأنها صفة مبالغة واقتضى ذكر العلم - ها هنا - حال المنافقين في كفرهم سرّاً وإظهارهم الايمان جهراً، فقيل لهم ان المجازي لكم يعلم سركم ونجواكم، كما قال: ذو الرمة في معنى واحد بلفظين مختلفين:

لمياء في شفتيها حوة لعس وفي اللثات وفي انيابها شنب

فاللعس حوة وكرر لاختلاف اللفظين، ويمكن ان يكون لما ذكر الحوة خشي أن يتوهم السامع سواداً قبيحاً فبين انه لعس لأنه يستحسن ذلك.