التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ
٨٥
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قد مضى تفسير مثل هذه الآية فلا وجه لاعادته وبينا أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به الامة، ينهاهم الله أن يعجبوا بما اعطى الله الكفار من الأموال والأولاد في الدنيا حتى يدعوهم ذلك إلى الصلاة عليهم، ولا ينبغي ان يغتروا بذلك فانما يريد الله ان يعذبهم بها في الدنيا، لأنهم لا ينفقونها في طاعة الله ولا يخرجون حق الله منها. ويجوز أن يعذبهم بها في الدنيا بما يلحقهم فيها من المصائب والغموم وبما يأخذها المسلمون على وجه الغنيمة وبما يشق عليهم من إخراجها في الزكاة والانفاق في سبيل الله مع اعتقادهم بطلان الاسلام وتشدد ذلك عليهم ويكون عذاباً لهم، وان نفوسهم تزهق اي تهلك بالموت { وهم كافرون } أي في حال كفرهم، فلذلك عذبهم الله في الآخرة. والاعجاب هو ايجاد السرور بما يتعجب منه من عظيم الاحسان، تقول: اعجبني امره اعجاباً اذا سررت بموضع التعجب منه والزهق خروج النفس بمشقة شديدة ومنه قوله { { فإذا هو زاهق } أي هالك.
وقيل: في وجه حسن تكرار هذه الآية دفعتين قولان:
احدهما - قال ابو علي: يجوز أن تكون الآيتان في فريقين من المنافقين كما يقول القائل: لا يعجبك حال زيد ولا يعجبك حال عمرو.
الثاني - أن يكون الغرض البيان عن قوة هذا المعنى فيما ينبغي ان يحذر منه مع أنه للتذكير في موطنين بعد احدهما عن الاخر، فيجب العناية به، وليس ذلك بقبيح، لأن الواحد منا يحسن به أن يقوم في مقام بعد مقام، ويكرر الوعظ والزجر والتخويف ولا يكون ذلك قبيحاً.