التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٩٩
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ورش واسماعيل { قربة } بضم الراء، اتبع الضمة التي قبلها. وقال ابو علي: لا يجوز ان يكون اتباعاً لما قبله لأن ذلك إنما يجوز في الوقف آخر الكلم وإنما الضمة فيها الأصل، وإنما خففت في قولهم: رسل وطنب، فقالوا: رسل وطنب فاذا جمع فلا يجوز فيه غير ضم الراء، لأن الحركة الأصلية لا بد من ردها في الجمع.
لما ذكر الله تعالى ان من جملة الأعراب من يتخذ انفاقه في سبيل الله مغرماً ذكر ان من جملتهم ايضاً { من يؤمن بالله } اي يصدق به وباليوم الآخر يعني يوم القيامة وانه يتخذ ما ينفقه في سبيل الله قربات عند الله. قال الزجاج: يجوز في { قربات } ثلاثة اوجه - ضم الراء وإسكانها وفتحها - وما قرىء إلا بالضم، والقربة هي طلب الثواب والكرامة من الله تعالى بحسن الطاعة، وهي تدني من رحمة الله والتقدير انه يتخذ نفقته وصلوات الرسول اي دعاءه له قربة إلى الله. وقال ابن عباس والحسن: معنى وصلوات الرسول استغفاره لهم، وقال قتادة: معناه دعاؤه بالخير والبركة قال الاعشى:

تقول بنتي وقد قرّبت مرتحلا يا ربّ جنب ابي الاوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي نوماً فان لجنب المرء مضطجعاً

ثم قال { ألا إنها } يعني صلوات الرسول { قربة لهم } اي تقربهم إلى ثواب الله. ويحتمل ان يكون المراد ان نفقتهم قربة إلى الله. وقوله { سيدخلهم الله في رحمته } وعد منه لهم بان يرحمهم ويدخلهم فيها، وفيه مبالغة، فان الرحمة وسعتهم وغمرتهم، ولو قال فيهم رحمة الله لأفاد انهم اتسعوا للرحمة من الله تعالى وقوله { إن الله غفور رحيم } معناه إنه يستر كثيراً على العصاة ذنوبهم ولا يفضحهم بها لرحمته بخلقه { وغفور رحيم } جميعاً من الفاظ المبالغة فيما وصف به نفسه من المغفرة والرحمة.