التفاسير

< >
عرض

لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٦
وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٧
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ
٢٨
فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ
٢٩
هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٣٠
قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٣١
فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ
٣٢
كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٣٣
قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ
٣٤
-يونس

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (26) لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى } المثوبة الحسنى { وَزِيَادَةٌ } وما يزيد على المثوبة تفضلاً.
القميّ هي النظر الى رحمة الله.
وعن الباقر عليه السلام أمّا الحُسنى فالجنّة وأمّا الزيادة فالدنيا ما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ويجمع لهم ثواب الدنيا والآخرة.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ } ولا يغشاها { قَتَرٌ } غبرة فيها سواد { وَلاَ ذِلَّةٌ } أثر هوان { أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } دائمون لا زوال فيها ولا انقراض لنعيمها.
{ (27) وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا } أي تجازى سيئة بسيئة مثلها لا يزاد عليها وفيه دلالة على أنّ المراد بالزيادة الفضل { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ } لا يعصمهم أحد من سخط الله وعذابه أو ما لهم من عند الله من يعصمهم كما يكون للمؤمنين { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً } لفرط سوادها وظلمتها وقرئ قطعاً بسكون الطاءِ { أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }.
القميّ عن الباقر عليه السلام هؤلاءِ أهل البدع والشبهات والشهوات يسوّد الله وجوههم ثمّ يلقونه قال ويلبسهم الذلة والصّغار.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام أما ترى البيت إذا كان الليل كان أشدّ سواداً فكذلك هم يزدادون سواداً.
{ (28) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } يعني الفريقين { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ } الزمُوا مكانكم لا تبرحوا حتّى تنظروا ما يفعل بكم { أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } ففرّقنا بينهم وقطعنَا الوصل التي كانت بينهم.
والقميّ يبعث الله ناراً تزيل بين الكفار والمؤمنين { وَقالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } لأنّهم إنّما عبدوا في الحقيقة أهوائهم التي حملتهم على الإِشراك لا ما اشركوا به أو الشياطين حيث أمروهم أن يتّخذوا الله أنداداً فأطاعوهم.
{ (29) فَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنََنَا وَبَيْنَكُمْ } فانّه العالم بكنه الأمر { إِن كُنَّا } انه كنّا { عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ }.
{ (30) هُنَالِكَ } في ذلك المقام { تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ } تختبر ما قدمت من عمل فتعاين نفعه وضرّه وقرء تتلو أي تقرء من التلاوة أوتتبع من التّلو { وَرُدُّواْ إلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ } ربّهم الصادق ربوبيّته المتولّي لأمرهم على الحقيقة لا ما اتخذوه مولى { وَضَلَّ عَنْهُمْ } وضاع عنهم { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } يدعون أنّهم شركاء الله وأنّهم تشفع لهم.
{ (31) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ والأَرْضِ } جميعاً بأسباب سماويّة وأرضية { أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ } من يستطيع خلقهما وتسويتهما وحفظهما من الآفات مع كثرتها وسرعة انفعالهما من أدنى شيء { وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحَيّ } من يحيي ويميت { وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ } ومن يلي تدبير أمر العالم { فَسَيَقُولُونَ اللهُ } اذ لا يقدرون على المكابرة والعناد فى ذلك لفرط وضوحه { فَقُلْ أفَلاَ تَتَّقُونَ } عقابه في عبادة غيره.
{ (32) فَذَالِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ } أي المتولّي لهذه الأمور المستحقّ للعبادة هو ربّكم الثابت ربوبيّته لأنّه الذي أنشأكم وأحياكم ورزقكم ودبّر أموركم { فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } عن الحقّ.
{ (33) كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ } تمردوا في كفرهم وخرجُوا عن الرّشد { أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } بدل من الكلمة أي حقّ عليهم انتفاء الإِيمان أو أُريد بالكلمة العدة بالعذاب وهذا تعليل له وقرئ كلمات.
{ (34) قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } جعل الإِعادة كالإِبداء في الإِلزام بها لظهور برهانها وان لم يساعدوا عليها ولذلك أمر الرّسول بأن ينوب عليهم في الجواب.