التفاسير

< >
عرض

الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
١
أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ
٢
وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ
٣
إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٤
أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٥
وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
٦
-هود

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (1) الر } سبق تأوليه في أوّل سورة يونس { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءَايَاتُهُ } نظمت نظماً محكماً لا نقص فيه ولا خلل كالبناء المحكم { ثُمَّ فُصِّلَتْ } بدلائل التوحيد والمواعظ والأحكام والقِصَص ومعنى ثم التراخي في الحال لا في الوقت.
القميّ عن الباقر عليه السلام هو القرآن { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبيرٍ } قال من عند حكيم خبير.
{ (2) أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ } من الله { نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } بالعقاب على الشِّرك والثواب على التوحيد.
{ (3) وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } من الشِّرك والمعصية { ثُمَّ تُوبُواْ إلَيْهِ } بالإِيمان والطاعة { يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً } يُعِشْكم في أمن ودعة { إِلَى أَجَلٍ مُّسَمّىً } هو آخِر أعماركم المقدرة { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } ويعط كلّ ذي فضل في دينه جزاءَ فضله في الدنيا والآخِرة { وَإِنْ تَوَلَّوْا } وان تتولّوا { فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } يوم القيامة.
القميّ يعني الدّخان والصّيحَة.
{ (4) إلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ } في ذلك اليوم { وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } فيقدر على تعذيبكم أشدّ عذاب فكأنه تقرير لكبر اليوم.
{ (5) أَلآَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } يعطفونها { لِيَسْتَخَفُوا مِنْهُ } من الله بسرهم فلا يطّلع رسوله والمؤمنون عليه أو من رسوله.
في الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام أخبرني جابر بن عبد الله أنّ المشريكن كانوا إذا مرّوا برسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم حول البيت طأطأ أحدهم ظهره ورأسه هكذا وغطى رأسه بثوبه حتّى لا يراه رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله الآية.
والقميّ يكتمون ما في صدورهم من بغض عليّ عليه السلام قال رسول الله إِنّ آية المنافق بغض عليّ وكان قوم يظهرون المودّة لعليّ عند النّبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم ويسرّون بغضه.
في الجوامع وفي القراءة أهل البيت يَثْنَوْني على يفعوعل من الثَّني وهو بناء مبالغة { أَلاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } يتغطون بثيابهم كراهة لاستماعِ كلام الله كقوله تعالى
{ { جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ } [نوح: 7] { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ } في قلوبهم { وَمَا يُعْلِنُونَ } بأفواههم يستوي في علمه سرهم وعلنهم { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } بأسرار ذات الصدور أو بالقلوب وأحوالها قيل نزلت في طائفة من المشركين قالوا إِذا أرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وطوينا صدورنا على عداوة محمّد كيف يعلم.
والقمّي كان النّبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم إذا حدّث بشيء من فضل عليّ أو تلا عليهم ما أنزل الله فيه نفضوا ثيابهم ثمّ قاموا يقول الله { يعلم ما يسرّون وما يعلنون } حينّ قاموا إنّ الله عليم بذات الصدور.
{ (6) وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا } لتكفّله إياه تفضلاً ورحمة { وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا } موضع قرارها ومسكنها { وَمُسْتَوْدعَهَا } قبل الإِستقرار من أصلاب الآباء وأرحام الأمّهات والبيض كُلٌّ كل واحدة من الدّوابّ ورزقها ومستقرها ومستودعها { فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } مذكور في اللّوح المحفوظ في نهج البلاغة قسّم أرزاقهم وأحصى آثارهم وأعمالهم وعدد أنفاسهم وخائنة أعينهم وما تخفي صدورهم من الضمير ومستقرهم ومستودعهم من الأرحام والظهور إلى أن يتناهى بهم الغايات.