التفاسير

< >
عرض

وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ
٤٤
وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ
٤٥
وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ
٤٦
فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ
٤٧
يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ
٤٨
-إبراهيم

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (44) وَأَنذِرِ النَّاسَ } يا محمّد { يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ } امهلنا إلى أَمَد من الزمان قريب نتدارك ما فرّطنا فيه من إجابة دعوتك واتباع رسلك { أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ } عَلَى ارادة القول { مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ } القميّ لا تهلكون.
{ (45) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ } بالكفر والمعاصي { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } بما تشاهدون في منازلهم من آثار ما نزل بهم وما تواتر عندكم من اخبارهم { وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثاَلَ } فلم تعتبرُوا.
{ (46) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ } المستفزع فيه جهدهم لابطال الحق وتقرير الباطل { وَعِندَ اللهِ مَكْرُهُمْ } ومكتوب عنده مكرهم فهو مجازيهم عليه أو عنده ما يمكرهم به جزاءً لمكرهم وابطالاً له { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ } في العظم والشدة { لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ } عن أماكنها.
القميّ قال مكر بني فلان وقرء لَتَزول بفتح اللام والرفع.
{ (47) فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } مثل قوله
{ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا } [غافر: 51] { كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ } [المجادلة: 21] { إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ } غالبٌ { ذُو انتِقَامٍ } لأوليائه من أعدائه.
{ (48) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ } يعني والسموات غير السمواتِ من طريق العامّة عن عليّ عليه السلام أرضاً من فضّة وسموات من ذهب.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام خبزة نقيّة يأكل الناس منها حتى يفرغوا من الحساب قيل إنّ الناس لفي شغل يومئذ عن الأكل والشرب فقال لهم في النّار لا يشتغلون عن أكل الضَّريع وشرب الحَميم وهم في العذاب فيكف يشتغلون عنه في الحساب وفي رواية أُخرى أنّ الله خلق ابن آدم أجوف لا بدّ له من الطعام والشراب أهم أشدّ شغلاً يومئذ أم من في النار فقد استغاثوا والله يقول وان يستغيثوا يُغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجُوه بئس الشراب.
والقميّ والعياشي عنه عليه السلام ما يقرب منهما وعن السّجّاد عليه السلام تبدّل الأرض غير الأرض لم تكسب عليهَا الذنوب بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها أوّل مرّة.
وفي المجمع من طريق العامّة عَن النبي صلىَّ الله عليه وآله وسلم
"يبدّلْ الله الأرض غير الأرض فيبسطها ويمدّها مدّ الأديم" العكاظي لا ترى فيها عوجاً ولا امتاً ثم يزجر الله الخلق زجرة فاذا هم في هذا المبدّلة في مثل مواضعهم من الأولى ما كان في بطنها كان في بطنها وما كان في ظهرها كان على ظهرها.
وعنه عليه السلام يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاءٍ عفراءٍ كقرصة النقيّ ليس فيها معلم لأحد.
وعنه عليه السلام أنّه سئل عن هذه الآية وقيل له فأين الخلق عند ذلك فقال أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه.
وفي الإِحتِجاج عنه صلىَّ الله عليه وآله وسلم انه سئل عن هذه الآية وقيل له فاين الناس يومئذ فقال في الظلمة دون المحشر وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم
"المتحابّون في الله عزّ وجلّ يوم القيامة على أرض زبرجدة خضراء في ظل عرشه عن يمينه وكلتا يديه يمين" .
وفي الخصال والعياشي عن الباقر عليه السلام لقد خلق الله في الأرض منذ خلقها سبعة عوالم ليس هم من ولد آدم خلقهم من أديم الأرض فاسكنوها واحداً بعد واحد مع عالمه ثمّ خلق الله آدم أبا هذا البشر وخلق ذرّيته منه ولا والله ما خلت الجنّة من أرواح المؤمنين منذ خلقّها لعلّكم ترون أنّه إذا كان يوم القيامة وصيّر الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنّة وصيّر أبدان أهل النار مع أرواحهم في النّارِ إنّ الله تبارك وتعالى لا يعبد في بلاده ولا يخلق خلقاً يعبدونه ويوحّدونه ويعظّمونه بلى وليخلقنّ خلقاً من غير فحولة ولا إناث يعبدونه ويوحّدونه ويعظِّمونه ويخلق لهم أرضاً تحملهم وسَماءً تظلهم أليس الله يقول يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات وقال الله أفَعَيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد { وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } لمحاسبته ومجازاته.