التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ
٢
-البقرة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (1) ألَم }: في المعاني عن الصادق عليه السلام ألم هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المقطّع في القرآن الذي يؤلفه النبيّ صلّى الله عليه وآله أو الامام فإذا دعا به أُجيب.
أقول: فيه دلالة على أن الحروف المقطّعات أسرار بين الله تعالى ورسوله ورموز لم يقصد بها إفهام غيره وغير الرّاسخين في العلم من ذرّيته والتخاطب بالحروف المفردة سنّة الأحباب في سنن (سنة خ ل) المحابّ فهو سرّ الحبيب مع الحبيب بحيث لا يطّلع عليه الرقيب:

بين المحبين سرّ ليس يفشيه قول ولا قلم للخلق يحكيه

والدليل عليه أيضاً من القرآن قوله عز وجل: وأُخر متشابهات، إلى قوله: وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم.
ومن الحديث ما رواه العياشي عن أبي لبيد المخزومي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا لبيد إنه يملك من ولد العباس إثنا عشر يقتل بعد الثامن منهم اربعة تصيب أحدهم الذبحة فتذبحه فئة قصيرة أعمارهم خبيثة سيرتهم منهم الفويسق الملقب بالهادي والناطق والغاوي يا أبا لبيد إن لي في حروف القرآن المقطعة لعلماً جمّاً إن الله تبارك وتعالى أنزل { الم } ذلك الكتاب فقام محمد حتى ظهر نوره وثبتت كلمته وولد يوم ولد وقد مضى من الألف السابع مأة سنة وثلاث سنين ثم قال: وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة إذا عددتها من غير تكرار وليس من حروف مقطعة حرف تنقضي أيامه إلا وقام من بني هاشم عند انقضائه ثم قال: الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فذلك مائة وواحد وستون ثم كان بدور خروج الحسين بن علي عليهما السلام الم الله فلما بلغت مدته قام قائم من ولد العباس عند المص ويقوم قائمنا عند انقضائها بالمر فافهم ذلك وعد واكتمه.
وفي تفسير الامام أن معنى الم إن هذا الكتاب الذي أنزلته هو الحروف المقطعة التي منها الف لام ميم وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا بمثله إن كنتم صادقين.
أقول: هذا أيضاً يدل على أنها من جملة الرموز المفتقرة إلى هذا البيان فيرجع إلى الأول وكذا سائر ما ورد في تأويلها وهي كثيرة.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي.
أقول: ومن الأسرار الغريبة في هذه المقطعات أنها تصير بعد التركيب وحذف المكررات "عليّ صراط حق نمسكه أو صراط علي حق نمسكه".
{ (2) ذَلِكَ الْكِتَابُ }: في تفسير الإمام عليه السلام يعني القرآن الذي افتتح بالم هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى عليه السلام ومن بعده من الأنبياء وهم أخبروا بني إسرائيل اني سأنزله عليك يا محمد { لاَ رَيْبَ فيهِ }: لا شك فيه لظهوره عندهم.
العيّاشي عن الصادق عليه السلام قال: كتاب علي لا ريب فيه.
أقول: ذلك تفسيره وهذا تأويله وإضافة الكتاب إِلى علي بيانيّة يعني أن ذلك إشارة إلى علي والكتاب عبارة عنه، والمعنى أن ذلك الكتاب الذي هو علي لا مرية فيه وذلك لأن كمالاته مشاهدة من سيرته وفضائله منصوص عليها من الله ورسوله واطلاق الكتاب على الانسان الكامل شائع في عرف أهل الله وخواص أوليائه. قال أمير المؤمنين عليه السلام:

دواؤك فيك وما تشعر وداؤك منك وما تبصر
وانت الكتاب المبين الذي بأحرفه يظهر المُضْمَرُ
وتَزعُم أنّكَ جِرْمٌ صغير وفيكَ انطوَى العالمَ الأكبرُ

وقال الصادق عليه السلام الصورة الإنسانية هي أكبر حجّة لله على خلقه وهي الكتاب الذي كَتَبَه الله بيده.
{ هُدىً }: بيان من الضلالة.
{ لِلْمُتَّقِينَ }: الذين يتّقون الموبقات ويتّقون تسليط السّفه على أنفسهم حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضاء ربّهم.
وفي المعاني والعياشي عن الصادق عليه السلام: المتّقون شيعتنا. أقول: وإنّما خص المتّقين بالاهتداء به لأنهم المنتفعون به وذلك لأن التقوى شرط في تحصيل المعرفة الحقّة.