التفاسير

< >
عرض

رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ
١٢٨
رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ
١٢٩
وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ
١٣٠
إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٣١
وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ
١٣٢
أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
١٣٣
-البقرة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (128) رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ } منقادين مخلصين { لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَتِنَا } واجعل بعض ذريتنا { أُمّةً } جماعة يؤمون أي يقصدون ويقتدى بهم { مُسْلِمَةً لّكَ } وهم أهل البيت الذي اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً كذا عن الصادق عليه السلام وفي رواية العياشي عنه عليه السلام أراد بالأمة بني هاشم خاصة { وَأَرِنَا } عرفنا وقرئ باسكان الراء حيث وقع { مَنَاسِكَنَا } متعبداتنا والنسك في الأصل العبادة وشاع في الحج لما فيه من الكلفة والبعد عن العادة { وَتُبْ عَلَيْنَا } عما لا ينبغي { إنَّكَ أَنْتَ التّوَّابُ الرَّحِيم } لمن تاب.
{ (129) رَبّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ } في الأمة المسلمة { رَسُولاً مِنْهُمْ } يعني من تلك الأمة كذلك عن الصادق عليه السلام ورواه العياشي ولم يبعث من ذريتهما غير نبينا صلّى الله عليه وآله وسلم.
والقمّي يعني ولد إسماعيل قال فلذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم
"أنا دعوة أَبي إبراهيم عليه السلام" { يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ } يقرء عليهم ويبلغهم ما يوحى إليه من دلائل التوحيد والنبوة { وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ والْحِكْمَةَ } ما تكمل به نفوسهم من المعارف والأحكام { وَيُزَكِّيهِمْ } عن الشرك والمعاصي { إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ } الذي لا يقهر ولا يغلب على ما يريد { الْحَكِيمُ } المحكم للأمر والصانع على وفق الحكمة.
{ (130) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلّةِ إِبْرَاهِيمَ } استبعاد وانكار يعني لا يرغب عن ملته { إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ } إلا من استهانها واذلها واستخف بها قيل أصله سفه نفسه بالرفع نصب على التميز مثل غبن رأيه وقيل سفه بالكسر متعدّ وبالضم لازم ويشهد له ما جاء في الحديث الكبر ان تسفه الحق وتغمض الناس.
في المحاسن عن السجاد: ما احد على ملة إبراهيم الا نحن وشيعتنا وسائر الناس منها براء.
وفي الكافي عن الصادق والكاظم عليهما السلام ما في معناه.
{ وَلَقَدْ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإنّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } حجة وبيان لذلك فان من كان بهذه الصفة فهو حقيق بأن يتبع لا يرغب عن اتباعه الا سفيه أو متسفّه.
{ (131) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ } مبادراً إلى الاذعان واخلاص السر { أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }.
{ (132) وَوَصَّى بِهَا } أي بالملّة أو بهذه الكلمة أي بكلمة أسلمت لرب العالمين وقرئ أوصى { إبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ } ووصى بها يعقوب أيضاً بنيه { يَا بَنِيَّ إنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ } دين الإسلام { فَلاَ تَمُوتُنَّ إلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } أمرهم بالثبات على الإسلام بحيث لا يتطرق إليه الزوال بحال.
{ (133) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ } على الانكار أي ما كنتم حاضرين، قيل ان اليهود قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ألست تعلم أن يعقوب أوصى بنيه باليهودية يوم مات فنزلت { إذْ قَالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي } أراد به تقريرهم على التوحيد والإسلام وأخذ ميثاقهم على الثبات عليهما { قَالُوا نَعْبُدُ إلَهَكَ وَإلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وإسْحَاقَ } عد إسماعيل من آبائه لأن العرب تسمي العم أباً كما تسمي الجدّ أباً وذلك لوجوب تعظيمهما كتعظيمه، وفي الحديث عم الرجل صنو أبيه { إلَهاً واحِداً } تصريح بالتوحيد { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }.
العياشي عن الباقر عليه السلام أنها جرت في القائم عليه السلام.
أقول: لعل مراده عليه السلام أنها جارية في قائم آل محمد عليهم السلام فكل قائم منهم يقول حين الموت ذلك لبنيه ويجيبونه بما أجابوا به.