التفاسير

< >
عرض

فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٢٢٠
وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٢٢١
-البقرة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (220) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } في أمور الدارين فتأخذون بالأصلح والأنفع { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى } القمّي عن الصادق عليه السلام لما نزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً أخرج كل من كان عنده يتيم وسألوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في اخراجهم فنزلت.
وفي المجمع عنه وعن أبيه عليهما السلام لما نزلت واتوا اليتامى أموالهم كرهوا مخالطة اليتامى فشق ذلك عليهم فشكوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فنزلت { قُلْ إصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ } مداخلتهم لاصلاحهم خير من مجانبتهم { وَإنْ تُخَالِطُوهُمْ } تعاشروهم وتشاركوهم { فَإخْوَانُكُمْ } فانهم اخوانكم في الدين ومن حق الأخ أن يخالط الأخ.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام والعياشي عن الباقر عليه السلام قال تخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم وتخرج من مالك قدر ما يكفيك ثم تنفقه قلت أرأيت ان كانوا يتامى صغارأً وكباراً وبعضهم أعلى كسوةً من بعض وبعضهم آكل من بعض ومالهم جميعاً فقال أما الكسوة فعلى كل إنسان منهم ثمن كسوته واما الطعام فاجعلوه جميعاً فان الصغير يوشك أن يأكل مثل الكبير.
وفي رواية: ولا يرزأن من أموالهم شيئاً إنما هي النار.
{ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ } لا يخفى عليه من داخلهم لاصلاح أو افساد فيجازيهم على حسب مداخلتهم.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام أنه قيل له أنّا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام ومعهم خادم لهم فنقعد على بساطهم ونشرب من مائهم ويخدمنا خادمهم وربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا وفيه من طعامهم فما ترى في ذلك فقال إن كان دخولهم عليه منفعة لهم فلا بأس وإن كان فيه ضرر فلا وقال بل الإنسان على نفسه بصيرة فأنتم لا يخفى عليكم وقد قال الله تعالى: { والله يعلم المفسد من المصلح }.
{ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَعْنَتَكُمْ } لحملكم على نعت وهي المشقة ولم يجوز لكم مداخلتهم { إنَّ اللهَ عَزِيزٌ } غالب قادر على ما يشاء { حَكِيمٌ } يفعل ما يقتضيه الحكمة ويتّسع له الطاقة.
{ وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ } لا تزوجوا الكافرات { حَتّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ } مملوكة { مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ } حرة { وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } المشركة بجمالها أو مالها وتحبونها { وَلاَ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ } لا تزوجوا منهم المؤمنات { حَتّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ } مملوك { مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ } حرٍّ { وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ } جماله أو ماله أو حاله { أُوْلَئِكَ } إشارة إلى المشركين والمشركات { يَدْعُونَ إلى النَّارِ } إلى الكفر المؤدي إلى النار فحقهم أن لا يوالوا ولا يصاهروا { وَاللهُ يَدْعُوا إلى الْجَنّةِ والْمَغْفِرَةِ } إلى فعل ما يوجب الجنّة والمغفرة من الإيمان والطاعة { بإذْنِهِ } بأمره وتوفيقه { وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ } أوامره ونواهيه { لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرونَ } ويتعظمون.
القمي هي نمسوخة بقوله تعالى في سورة المائدة
{ { ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ } [المائدة: 5] إلى قوله { { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } [المائدة: 5] قال فنسخت هذه الآية له ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ونزلت قوله: { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } على حاله لم ينسخ لأنه لا يحل للمسلم أن ينكح المشرك ويحل له أن يتزوج المشركة من اليهود والنصارى وكذلك قاله النعماني في كتابه وكلاهما عدّا قوله تعالى: { ولا تنكحوا المشركات } في منسوخ النصف من الآيات ويأتي تمام الكلام فيه في سورة المائدة انشاء الله تعالى.