التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوۤاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ ٱلْمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ وَٱللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
٢٤٧
وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ
٢٤٨
-البقرة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (247) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا } من أين يكون له ذلك ويستأهل { وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ } وراثة ومكنة { وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً } فضيلة وسعةً { فِي العِلمِ والْجِسْمِ واللهُ يُؤتي مُلْكَهُ مَن يَشاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ } واسع الفضل يوسّع على الفقير ويغْنيه { عَلِيمٌ } بمن يليق بالملك لما استبعدوا تملكه لفقره رد عليهم بأن العمدة فيه اصطفاء الله وقد اختاره عليكم وهو أعلم بالمصالح وبأن الشرط فيه وفور العلم ليتمكن به من معرفة الأمور السياسية وجسامة البدن ليكون أعظم خطراً في القلوب وأقوى على مقاومة العدو ومكابدة الحروب لا ما ذكرتم وقد زاده الله فيهما قيل وكان الرجل القائم يمد يده فينال رأسه وبأنّه تعالى مالك الملك على الاطلاق فله أن يؤتيه من يشاء وبأنه وساع الفضل يغنيه عليم به إذ يصطفيه.
القمي عن الباقر عليه السلام ان بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيّروا دين الله وعتوا عن أمر ربهم وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاههم فلم يطيعوه، وروي أنه ارميا النبي فسلّط الله عليهم جالوت وهو من القبط فأذاهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأخذ أموالهم واستعبد نساءهم ففزعوا إلى نبيهم وقالوا سل الله أن يبعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت والملك والسلطان في بيت آخر ولم يجمع الله لهم النبوة والملك في بيت واحد فمن ذلك قالوا إبعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله فقال لهم نبيّهم هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألاّ تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أُخرجنا من ديارنا وأبنائنا وكان كما قال الله تعالى فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم وقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكاً فغضبوا من ذلك وقالوا انّى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال وكانت النبوة في ولد لاوي والملك في ولد يوسف وكان طالوت من ولد ابن يامين أخي يوسف لأمه ولم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة قال لهم نبيهم ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم وكان أعظمهم جسماً وكان شجاعاً قوياً وكان أعلمهم الا أنه كان فقيراً فعابوه بالفقر لم يؤت سعةً من المال.
{ (248) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِن رَبِّكُمْ وَبَقِيّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ } قال عليه السلام وكان التابوت الذي أنزله الله على موسى فوضعته فيه أمه فألقته في اليم وكان من بني إسرائيل يتبرّكون به فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيّه فلم يزل التّابوت بينهم فلمّا عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم فلما سألوا النبي وبعث الله طالوت إليهم ملكاً يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت كما قال الله تعالى { إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة } قال البقية ذريّة الأنبياء.
والعياشي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن قوله تعالى وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون قال ذريّة الأنبياء.
وفي الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال ورضراض الألواح فيها العلم والحكمة.
وزاد العياشي العلم جاء من السماء فكتب في الألواح وجعل في التابوت.
والعياشي عن الرضا عليه السلام انه قال كان فيه ألواح موسى التي تكسرت والطست التي يغسل فيها قلوب الأنبياء.
والقمّي عنه قال السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الإنسان وكان إذا وضع التابوت بيد يدي المسلمين والكفار فان تقدم التابوت رجل لا يرجع حتى يقتل أو يغلب ومن رجع عن التابوت كفر وقتله الإمام.
وفي المعاني سئل الكاظم عليه السلام ما كان تابوت موسى وكم كان سعته قال ثلاثة أذرع في ذراعين قيل وما كان فيه قال عصا موسى والسكينة قيل وما السكينة قال روح الله يتكلم كانوا إذا اختلفوا في شيء كلّمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام ان السكينة التي كانت فيه ريح هفّافة من الجنّة لو وجه كوجه الإنسان.
وعن الباقر عليه السلام ان البقية عصا موسى ورضراض الألواح.
وفي الكافي عنه عليه السلام فجاءت به الملائكة تحمله.
وفي رواية تحمله في صورة البقرة.
وعن الصادق عليه السلام قال إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل كانت بنو إسرائيل أي أهل بيت وجد التابوت على بابهم اوتوا النبوة فمن صار إليه السلاح منّا أوتي الإمامة. وفي رواية حيث ما دار التابوت في بني إسرائيل دار الملك وأينما دار السلاح فينا دار الملك والعلم.
وفي أخرى سئل الكاظم عليه السلام ما السكينة فقال ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الإنسان ورائحة طيبة وهي التي نزلت على إبراهيم فأقبلت تدور حول أركان البيت وهو يصنع الأساطين فقيل له هي التي قال الله تعالى فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون قال وتلك السكنية في التابوت وكان فيه طست يغسل فيه قلوب الأنبياء وكان التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء ثم أقبل علينا فقال ما تابوتكم قلنا السلاح قال صدقتم هو تابوتكم.
والعياشي عن الصادق عليه السلام ما يقرب منه وزاد بعد ذكر الآية قال هي من هذا.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام كان التابوت في ايدي أعداء بني إسرائيل من العمالقة غلبوهم لما برح أمر بني إسرائيل وحدث فيهم الأحداث ثم انتزعه الله من أيديهم ورده على بني إسرائيل تحمله الملائكة قال وقيل. وفي رواية أن السكينة لها جناحان ورأس كرأس الهرة من الزبرجد والزمرد وروي ذلك في أخبارنا قال والظاهر أن السكينة امنة وطمأنينة جعلها الله سبحانه فيه ليسكن إليه بنو إسرائيل والبقية جائز أن يكون بقية من العلم أو شيئاً من علامات الأنبياء وجائز أن يتضمنها جميعاً.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إن كُنتُم مُؤْمِنِينَ } أما من تمام كلام النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أو خطاب من الله.