التفاسير

< >
عرض

وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ
٤٢
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَارِ
٤٣
يُقَلِّبُ ٱللَّهُ ٱللَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ
٤٤
وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٤٥
لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٤٦
وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ
٤٧
وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ
٤٨
وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ
٤٩
أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٥٠
-النور

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (42) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ } مرجع الجميع.
{ (43) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي } يسوق { سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ } بأن يكون قطعاً فيضمّ بعضه الى بعض { ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً } متراكباً بعضه الى بعض { فَتَرَى الْوَدْقَ } المطر { يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } من فتوقه جمع خلل { وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ } من الغمام فانّ كلّ ما علاك فهو سماء { مِن جِبَالٍ } من قطع عظام تشبه الجبال في عظمها وجمودها { فِيهَا مِن بَرَدٍ } بيان للجبال { فَيُصِيبُ بِهِ } بالبرد { مَن يَشآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشآءُ }
في الكافي عن الصادق عن ابيه عن امير المؤمنين عليهم السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله
"انّ الله عزّ وجلّ جعل السّحاب غرابيل للمطر هي تذيب البرد ماء لكيلا يضرّ شيئاً يصيبه والذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من الله عزّ وجلّ يصيب بها من يشاء من عباده" وفيه عنه عليه السلام قال البرد لا يؤكل لأنّ الله تعالى يصيب به من يشاء وفي الاهليلجة عنه عليه السلام في حديث يذكر فيه الرياح قال وبها يتألّف المفترق وبهما يفترق الغمام المطبّق حتّى ينبسط في السّماء كيف يشاء مدبّره فيجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله بقدر مَعلوم لمعاش مفهوم وارزاق مقسومة وآجال مكتوبة.
وفي الفقيه عن الباقر عليه السلام في حديث يذكر فيه انواع الرياح قال ومنها رياح تحبس السحاب بين السماء والارض ورياح تعصر السّحاب فتمطر باذن الله ورياح تفرّق السحاب { يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ } ضوء برقه { يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ } بأبصار الناظرين اليه من فرط الاضاءة.
{ (44) يُقَلّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ } بالمعاقبة بينهما ونقص احدهما وزيادة الآخر وتغيير احوالهما بالحرّ والبرد والظلمة والنّور { إِنَّ فِي ذلِكَ } فيما تقدّم ذكره { لَعِبْرَةً لأُِوُلِي الأَبْصَارِ }
{ (45) وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبّةٍ } كلّ حيوان يدبّ على الأرض وقرء خالق بالاضافة { مِّن مَاءٍ }.
القمّي من منّي وقيل من الماء الذي جزء مادّته اذ من الحيوانات ما يتولّد لا عن النطفة { فَمِنْهُم مَن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ } كالحيّة { وَمِنْهُم مَن يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ } كالانس والطّير { وَمِنْهُم مَن يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ } كالنّعم والوحش.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام
والقمّي عن الصادق عليه السلام ومنهم من يمشي على اكثر من ذلك { يَخْلُقُ اللهُ مَا يَشَآءُ } ممّا ذكر وممّا لم يذكر بمقتضى مشيّته { إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
{ (46) لَّقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ } للحقايق بانواع الدلائل { وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } بالتوفيق للنظر فيها والتدبير لمعانيها { إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ } الموصل الى درك الحقّ والفوز بِالْجَنَّةِ.
{ (47) وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا } لهما { ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُم } بالإِمتناع عن قبول حكمه { مِن بَعْدِ ذَلِكَ } بعد قولهم هذا { وَما أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ } الذين عرفتهم وهم المخلصون في الإِيمان الثابتون عليه.
{ (48) وَإِذَا دُعُوا إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } اي ليحكم النبيّ صلّى الله عليه وآله فانّه الحاكم ظاهراً والمدعوّ اليه وذكر الله لتعظيمه والدلالة على انّ حكمه في الحقيقة حكم الله { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُعْرِضُونَ } فاجاء فريق منهم الاعراض اذا كان الحق عليهم لعلمهم بأنّه لا يحكم لهم وهو شرح للتولّي ومبالغة فيه.
{ (49) وَإِن يَكُن لَهُمُ الْحَقُّ } لا عليهم { يَأْتُوا إِلَيِْهِ مُذْعِنِينَ } منقادين لعلمهم بانّه يحكم لهم.
{ (50) أَفِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ } كفر وميل الى الظلم { أَمِ ارْتَابُوا } بأن رأوا منك تهمة فزالت ثقتهم بك { أَمْ يَخافُونَ أَن يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ } في الحكومة { بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } اضراب عن القسمين الآخيرين لتحقيق القسم الأوّل والفصل لنفي ذلك عن غيرهم سيّما المدعوّ الى حكمه.
القمّي عن الصادق عليه السلام نزلت هذه الآية في امير المؤمنين عليه السلام وعثمان وذلك انّه كان بينهما منازعة في حديقة فقال امير المؤمنين عليه السلام نرضى برسول الله صلّى الله عليه وآله فقال عبد الرحمن بن عوف لعثمان لا تحاكم الى رسول الله صلّى الله عليه وآله فانه يحكم له عليك ولكن حاكمه الى ابن شيبة اليهوديّ فقال عثمان لأمير المؤمنين عليه السلام لا نرضى الاّ بابن شيبة اليهوديّ فقال ابن شيبة لعثمان تأتمنون رسول الله صلّى الله عليه وآله على وحي السّماء وتّتهمونه في الاحكام فأنزل الله عزّ وجلّ على رسوله واذا دعوا الى الله ورسوله الآيات وفي المجمع حكى البلخي انّه كانت بين عليّ وعثمان منازعة في ارض اشتراها من عليّ فخرجت فيها احجار فأراد ردّها بالعيب فلم يأخذها فقال بيني وبينك رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال الحكم بن ابي العاص ان حاكمته الى ابن عمّه حكم له فلا تحاكموا اليه فنزلت الآيات قال وهو المرويّ عن ابي جعفر عليه السلام او قريب منه.