التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ
١٦
ٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْمُنْفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ
١٧
شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١٨
إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
١٩
فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
٢٠
إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٢١
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٢٢
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ
٢٣
-آل عمران

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (16) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا آمَنّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النّارِ }.
{ (17) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } المصلين في وقت السحر كذا في المجمع عن الصادق عليه السلام قال من استغفر سبعين مرة في وقت السّحَر فهو من أهل هذه الآية.
وفي الفقيه والخصال عنه عليه السلام من قال في وتره إذا أوتر استغفر الله وأتوب إليه سبعين مرة وهو قائم فواظب على ذلك حتى تمضي له سنة كتبه الله عنده من المستغفرين بالأسحار ووجبت له المغفرة من الله تعالى، قيل تخصيص الأسحار لأن الدعاء فيها أقرب إلى الإجابة لأن العبادة حينئذ اشق والنفس اصفى والروع أجمع سيّما للمتهجدين.
{ (18) شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إلاَّ هُوَ } بين وحدانيته بظهوره في كل شيء وتعرّفه ذاته في كل نور وفيء ولقوم بنصب الدلائل الدالة عليها ولقوم بانزال الآيات الناطقة بها { وَالْمَلائِكَةُ } بالإقرار ذاتاً لقوم وفعلاً لقوم قولاً لقوم { وَأُوْلُوا الْعِلْمِ } بالإيمان والعيان والبيان شبه الظهور والاظهار في الانكشاف والكشف بشهادة الشاهد { قَائِماً بِالْقِسْطِ } مقيماً للعدل.
العياشي عن الباقر عليه السلام أن أولي العلم الأنبياء والأوصياء وهم قيام بالقسط والقسط هو العدل { لاَ إِله إلاَّ هُوَ } تأكيد وتمهيد لقوله { الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.
{ (19) إنَّ الّدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسلاَمُ } لا دين مرضي عند الله سوى دين الإسلام وهو التوحيد والتدرع بالشرع الذي جاء به محمد.
في الكافي عن الصادق عليه السلام ان الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ويتناكحون والإيمان عليه يثابون.
{ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } في الإسلام { إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ } حسداً وطلباً للرئاسة لا لشبهة فيه { وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيْعُ الْحِسَابِ } وعيد لمن كفر منهم.
{ (20) فَإِنْ حَاجُّوكَ } في الدين وجادلوك فيه بعدما أقمت لهم الحجج { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ } أخلصت نفسي وجملتي له لا أشرك فيها غيره، قيل عبّر عن النفس بالوجه لأنه أشرف الأعضاء الظاهرة ومظهر القوى والحواس { وَمَنِ اتّبَعَنِ } واسلم من اتّبعني { وَقُلْ للّذِينَ أُوْتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ } الذين لا كتاب لهم كمشركي العرب { أَسْلَمْتُمْ } كما أسلمت لما أوضحت لكم الحجة أم انتم بعد على كفركم ونظيره قوله فهل أنتم منتهون { فَإِنْ أَسْلَمُوْا فَقَدِ اهْتَدُوا } فقد نفعوا أنفسهم بأن أخرجوها من الضلال { وَإِنْ تَوَلّوا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبلاَغُ } فلم يضروك إذا ما عليك إلا أن تبلّغ وقد بلّغت { وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } وعد ووعيد.
{ (21) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يأَمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } قيل هم أهل الكتاب الذين في عصره صلّى الله عليه وآله قتل أوائلهم الأنبياء ومتابعيهم من عباد بني إسرائيل وهم رضوا به وقصدوا قتل النبي صلّى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين ولكن الله عصمهم وقد سبق مثله في سورة البقرة وقرئ يقاتلون الذين.
في المجمع عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم
"أنه سئل أي الناس أشدّ عذاباً يوم القيامة قال رجل قتل نبياً أو رجلاً أمر بمعروف أو نهى عن منكر ثم قرأ ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الّذين يأمرون بالقسط من الناس ثم قال قتلت بنوا اسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أوّل النهار في ساعة واحدة فقام ماءة رجل واثنا عشر رجلاً من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعاً من آخر النهار في ذلك اليوم وهو الذي ذكره الله تعالى" .
{ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } إذ لم ينالوا بها المدح والثناء ولم تحقن دماؤهم وأموالهم ولم يستحقوا بها الأجر والثواب { وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِيْنَ } يدفعون عنهم العذاب.
{ (23) أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ } قيل يريد به احبار اليهود اعطوا حظّاً وافراً من التوراة أو من جنس الكتب المنزلة { يُدْعَوْنَ إلَى كِتَابِ اللهِ } وهو التوراة { لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } قيل يعني في نبوة نبيّنَا وقيل ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم دخل مدرسهم فدعاهم فقال له بعضهم على أي دين انت قال على ملّة إبراهيم عليه السلام فقالوا ان إبراهيم كان يهودياً فقال ان بيننا وبينكم التوراة فأبوا وقيل نزلت في الرّجم وقد اختلفوا فيه وله قصة يأتي ذكرها عند تفسير قوله سبحانه
{ { يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَابِ } [المائدة: 15] من سورة المائدة { ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ } استبعاد لتوليّهم مع علمهم بأن الرجوع إلى كتاب الله واجب { وَهُمْ مُعْرِضُونَ } عن اتباع الحق.