التفاسير

< >
عرض

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً
١٤٠
ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً
١٤١
إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٤٢
مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ لاَ إِلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ وَلاَ إِلَى هَـٰؤُلاۤءِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً
١٤٣
-النساء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (140) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ } القرآن { أَنْ } أنّه { إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ }.
القمّي آيات الله هم الآئمة عليهم السلام.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام والعياشي عن الرضا عليه السلام في تفسيرها إذا سمعت الرجل يجحد الحق ويكذب به ويقع في اهله فقم من عنده ولا تقاعده.
وعن الصادق عليه السلام وفرض الله على السمع أن يتنزه عن الإِستماع إلى ما حرم الله وأن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عنه والإِصغاء إلى ما اسخط الله فقال في ذلك وقد نزل عليكم الآية قال ثم استثنى موضع النسيان فقال وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين { إِنَّكُمْ إذاً مِثْلُهُمْ } في الكفران رضيتم به وإلا ففي الإِثم لقدرتكم على الإِنكار والإِعراض { إنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقينَ وَالْكَافِرِينَ } القاعدين والمقعود معهم { في جَهَنَّمَ جَمِيعاً }.
{ (141) الّذِينَ يَتَرَبّصُونَ بِكُمْ } ينتظرون وقوع أمر بكم { فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ } مظاهرين لكم فأسهموا لنا فيما غنمتم { وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ } من الحرب { قَالُوا } للكافرين { أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم فأبقينا عليكم والإِستحواذ الإِستيلاء وكان القياس أن يقال ألم نستحذ فجاءت على الأصل { وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } بأن أخذلناهم عنكم بتخييل ما ضعفت به قلوبهم وتوانينا في مظاهرتهم وكنا عيوناً لكم حتى انصرفوا عنكم وغلبتموهم فأشركونا فيما أصبتم قيل انما سمى ظفر المسلمين فتحاً وظفر الكافرين نصيباً لخسة حظهم فانه مقصور على أمر دنيوي سريع الزوال { فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } يفصل بينكم بالحق { وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } بالحجة ان جاز أن يغلبوهم بالقوة.
في العيون عن الرضا عليه السلام قيل له ان في سواد الكوفة قوماً يزعمون أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لم يقع عليه السهو كذبوا لعنهم الله ان الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلا هو قيل وفيهم قوم يزعمون أن الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما لم يقتل وأنه القي شبهة على حنظلة بن سعد الشامي وأنه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم عليه السلام ويحتجون بهذه الآية ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً فقال كذبوا عليهم غضب الله ولعنته وكفروا بتكذيبهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في أخباره بأن الحسين عليه السلام سيقتل والله لقد قتل الحسين بن علي صلوات الله عليهما وقتل من كان خيراً من الحسين أمير المؤمنين والحسن بن علي عليهما السلام وما منا إلا مقتول واني والله لمقتول باغتيال من يغتالني أعرف ذلك بعهد معهود إليّ من رسول الله أخبره به جبرئيل عن رب العالمين فاما قوله عز وجل ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً فانه يقول لن يجعل الله لكافر على مؤمن حجة ولقد أخبر الله تعالى عن كفار قتلوا نبيين بغير حق ومع قتلهم إياهم لن يجعل الله لهم على أنبيائه سبيلاً من طريق الحجة.
{ (142) إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } مضى تفسيره في أول سورة البقرة { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى } متثاقلين كالمكره على الفعل وقرئ كَسَالَى بالفتح { يُرَاؤُونَ النّاسَ } ليخالوهم مؤمنين { وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إلاَّ قَلِيلاً } إذ المرائي لا يفعل إلا بحضرة من يرائيه.
في الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام من ذكر الله في السر فقد ذكر الله كثيراً ان المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السر فقال الله عز وجلّ يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً.
{ (143) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ } مرددين بين الإِيمان والكفر من الذبذبة وهو جعل الشيء مضطرباً وأصله الذب بمعنى الطرد وقرئ بكسر الذال بمعنى يذبذبون قلوبهم أو دينهم { لاَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَلاَ إلَى هَؤْلاَءِ } لا يصيرون إلى المؤمنين بالكلية ولا إلى الكافرون كذلك يظهرون الإِيمان كما يظهره المؤمنون ولكن لا يضمرونه كما يضمرون ويضمرون الكفر كما يضمره الكافرون ولكن لا يظهرونه كما يظهرونه كما يظهرون { وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } طريقاً ومذهباً نظيره قوله ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.