التفاسير

< >
عرض

لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً
١٧٢
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
١٧٣
يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً
١٧٤
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً
١٧٥
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١٧٦
-النساء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (172) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ } لن يأنف { أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلّهِ } لأن عبودية الله شرف يباهي به وإنما المذلة والإِستنكاف في عبودية غيره، وروي أن وفد نجران قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لم تعيب صاحبنا قال ومن صاحبكم قالوا عيسى قال وأي شيء أقول قالوا تقول إنه عبد الله قال إنه ليس بعار أن يكون عبداً لله قالوا بلى فنزلت { وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ } ولا يستنكف الملائكة المقربون أن يكونوا عبيداً لله { وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ } ويترفع عنها والإِستكبار دون الإِستنكاف وإنما يستعمل حيث لا استحقاق بخلاف التكبر فانه قد يكون باستحقاق كما هو في الله سبحانه { فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً } المستنكف والمستكبر والمقر بالعبودية فيجازيهم على حسب أحوالهم.
{ (173) فَأَمَّا الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } ظاهر المعنى.
{ (174) يَا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إلَيْكُمْ نُوراً مُبِيْناً } قيل البرهان رسول الله والنور القرآن وقيل البرهان المعجزات والنور القرآن أي جاءكم دلائل العقل وشواهد النقل ولم يبق لكم عذر ولا علة.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام النور ولاية علي صلوات الله وسلامه عليه.
{ (175) فَأَمَّا الّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ } ثواب مستحق { وَفَضْلٍ } واحسان زائد عليه { وَيَهْدِيهِمْ إلَيْهِ } أي إلى الله أو إلى الموعود كمن الرحمة والفضل { صِرَاطاً مُسْتَقِيماً } قد مضى تحقيق معنى الصراط في سورة الفاتحة.
العياشي عن الصادق عليه السلام البرهان محمد والنور علي والصراط المستقيم علي صلوات الله عليهما.
والقمّي النور امامة أمير المؤمنين والإِعتصام التمسك بولاية وولاية الأئمة بعده.
{ (176) يَسْتَفْتُونَكَ } أي في الكلالة كما يدل عليه الجواب، روى أن جابر بن عبد الله كان مريضاً فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله ان لي لكلالة فكيف أصنع في مالي فنزلت { قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ } قد مضى تفسيرها في أول السورة { إنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ } أي أخت لأم وأب أو أخت لأب كذا عن الصادق عليه السلام كما مر { فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا } أي والمرء يرث أخته جميع مالها إن كانت الأخت هي الميتة { إنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ } ولا والد لأن الكلام في ميراث الكلالة ولأن السنة دلت على أن الأخوة لا يرثون مع الأب كما تواتر عن أهل البيت عليهم السلام { فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ } الضمير لمن يرث بالاخوة { فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ ممّا تَرَكَ وَإنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ }.
القمي عن الباقر عليه السلام إذا مات الرجل وله أخت تأخذ نصف الميراث بالآية كما تأخذ البنت لو كانت والنصف الباقي يرد عليها بالرحم إذا لم يكن للميت وارث أقرب منها فان كان موضع الأخت أخ أخذ الميراث كله بالآية لقول الله وهو يرثها ان لم يكن لها ولد فان كانت اختين أخذتا الثلثين بالآية والثلث الباقي بالرحم وان كانوا اخوة رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين وذلك كله إذا لم يكن للميت ولد وأبوان أو زوجة ومضمون هذا الخبر مروي في كثير من الأخبار المعصومية المروية في الكافي وغيره.
{ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا } قيل أي يبين لكم ضلالكم الذي من شأنكم إذا خليتم وطبائعكم لتحرزوا عنه وتتحروا خلافه أو يبين لكم الحق والصواب كراهة أن تضلوا أو لئلا تضلوا { وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَليمٌ } فهو عالم بمصالح العباد والمحيا والممات قيل هي آخر آية نزلت في الأحكام.
في ثواب الأعمال والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام من قرأ سورة النساء في كل جمعة آمن من ضغطة القبر ان شاء الله تعالى.