التفاسير

< >
عرض

وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ ٱلآنَ وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
١٨
يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً
١٩
-النساء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (18) وَلَيْسَتْ التّوْبَةُ لِلّذِينَ يَعْمَلُونَ السَيِّئَاتِ حَتّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إنِّي تُبْتُ الآنَ }.
في الفقيه عن الصادق عليه السلام انه سئل عن هذه الآية فقال ذلك إذا عاين أمر الآخرة { وَلاَ الّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفّارٌ } سوّى بين من سوّى التوبة إلى حضور الموت من الفسقة والكفار وبين من مات على الكفر في نفي التوبة للمبالغة في عدم الإِعتداد بها في تلك الحالة وكأنه قال توبة هؤلاء وعدم توبة هؤلاء سواء وقيل المراد بالذين يعملون السوء عصاة المؤمنين وبالذين يعملون السيئات المنافقون لتضاعف كفرهم وسوء أعمالهم وبالذين يموتون الكفار { أُوْلَئِكَ اعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } تأكيد لعدم قبول توبتهم لتهيئة عذابهم وانه يعذبهم متى شاء.
{ (19) يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً } وقرئ بالضم.
القمّي عن الباقر عليه السلام كان في الجاهلية في أول ما أسلموا في قبائل العرب إذا مات حميم الرجل وله امرأة القى الرجل ثوبه عليها فورث نكاحها بصداق حميمه الذي كان اصدقها يرث نكاحها كما يرث ماله فلما مات أو قيس بن الأشلت القى محصن بن أبي قيس ثوبه على امرأة أبيه وهي كبيشة ابنة معمر بن معبد فورث نكاحها ثم تركها لا يدخل بها ولا ينفق عليها فأتت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقالت يا رسول الله مات أبو قيس بن الأشلت فورث ابنه محصن نكاحي فلا يدخل علي ولا ينفق علي ولا يخلي سبيلي فألحق بأهلي فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ارجعي إلى بيتك فان يحدث الله في شأنك شيئاً اعلمتكه فنزل ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف انه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً فلحقت بأهلها وكان نسوة في المدينة قد ورث نكاحهن كما ورث نكاح كبيشة غير انه ورثهن غير الأبناء فأنزل يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً.
والعياشي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال الرجل يكون في حجره اليتيمة فيمنعها من التزويج يضرّ بها تكون قريبة له.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام انها نزلت في الرجل يحبس المرأة عنده لا حاجة له وينتظر موتها حتى يرثها { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } ولا تحبسوهن ضراراً بهن { لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ }.
العياشي عن الصادق عليه السلام قال الرجل تكون له المرأة فيضرّ بها حتى تفتدي منه فنهى الله عن ذلك.
وفي المجمع عنه عليه السلام ان المراد بها الزوج امره الله سبحانه بتخلية سبيلها إذا لم تكن له فيها حاجة وان لا يمسكها اضراراً بها حتى تفتدي ببعض مالها { إلاَّ أَنْ يَأْتِيِنَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } ظاهرة كالنشوز وسوء العشرة وعدم التعفف.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام كل معصية.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إذا قالت له لا اغتسل لك من جنابة ولا ابر لك قسماً ولا وطين فراشك من تكرهه حل له أن يخلعها وحل له ما أخذ منها { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } بالإِنصافِ في الفعل والإِجمال في القول { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثيراً } يعني فاصبروا عليهن ولا تفارقوهن لكراهة الأنفس فربما كرهت النفس ما هو أصلح في الدين وأحمد وأحبت ما هو بخلافه.