التفاسير

< >
عرض

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ
٣
وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً
٤
-النساء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (3) وَإِنْ خِفْتُمْ ألاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ } قيل يعني ان خفتم أن لا تعدلوا في يتامى النساء إذا تزوجتم بهن فتزوجوا ما طاب من غيرهن إذ كان الرجل يجد يتيمة ذات مال وجمال فيتزوجها ضناً بها فربما يجتمع عنده منهن عدد ولا يقدر على القيام بحقوقهن.
وذكر القمي وغيره في سبب نزوله وكيفية نظام محصوله واتصال فصوله وجوهاً أُخر ولا يخلو شيء منها عن تعسف.
وفي الإِحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام قال لبعض الزنادقة في حديث وأما ظهورك على تناكر قوله تعالى وان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء فليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ولا كل النساء اليتامى فهو مما قدمت ذكره من اسقاط المنافقين من القرآن وبين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن وهذا وما أشبهه مما ظهرت حوادث المنافقين فيه لأهل النظر والتأمل ووجد المعطلون وأهل الملل المخالفة للإسلام مساغاً إلى القدح في القرآن ولو شرحت لك كل ما أسُقط وحرّف وبُدِّل لما يجري هذا المجرى لطال وظهر ما تحظر التقية اظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء { مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } ثنتين ثنتين وثلاث ثلاث وأربع أربع وتخيير في العدد لكل أحد إلى أربع.
في الكافي عن الصادق عليه السلام إذا جمع الرجل أربعاً فطلق احداهن فلا يتزوج الخامسة حتى ينقضي عدة المرأة التي طلق وقال لا يجمع الرجل مَاءَهُ في خمس.
العياشي عنه عليه السلام لا يحل لماء الرجل أن يجري في أكثر من أربعة أرحام من الحراير { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا } بين هذه الأعداد { فَوَاحِدَةً } فانكحوا واحدة وذروا الجمع { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } وان تعددن لخفة مؤونتهن وعدم وجوب القسم بينهن وفي حكمهن المتعة.
ففي الكافي عن الصادق عليه السلام في غير واحدة من الروايات أنها ليست من الأربع ولا من السبعين وانهن بمنزلة الاماء لأنهنَّ مسـتأجرات لا تطلق ولا ترث ولا تورث وان العبد ليس له أن يتزوج إلاَّ حرتين أو أربع اماء وله أن يتسرى بإذن مولاه ما شاء.
وعنه عليه السلام ان الغيرة ليست إلا للرجال وأما النساء فانما منهن حسد وان الله أكرم أن يبتليهن بالغيرة ويحل للرجل معها ثلاثاً.
وعنه عليه السلام فان خفتم ألا تعدلوا يعني في النفقة وأما قوله تعالى
{ { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } يعني المودة.
والعياشي عنه عليه السلام في كل شيء إسراف إلا في النساء قال الله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع { ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا } أقرب من أن لا تميلوا من عال الميزان إذا مال أو الا تمونوا من عال الرجل عياله إذا مانهم، ويؤيده قرائة ألا تعيلوا في الشواذ من عال الرجل إذا كثر عياله، والقمي أي لا يتزوج ما لا يقدر أن يعول.
{ (4) وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ } مهورهن { نِحْلَةً }.
القمي أي هبة وقيل عطية من الله وتفضلاً من عليهن أو ديناً من الله شرعه وفرضه وظاهر الآية أن يكون الخطاب للأزواج.
في الفقيه عن الصادق عليه السلام من تزوج امرأة ولم ينو أن يوفيها صداقها فهو عند الله زان وقال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ان أحق الشروط أن يوفى بها ما استحللتم به الفروج.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام ان الخطاب فيه للأولياء لأن الرجل منهم كان إذا زوج ايمة أخذ صداقها دونها فنهاهم الله عن ذلك { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ } من الصداق { نَفْساً } وهبن لكم عن طيب نفس، وعدّى بعن لتضمنه معنى التجاوز والتجافي { فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً } سائغاً من غير غص وربما يفرق بينهما بتخصيص الهنيء بما يلذه الإِنسان والمريء بما يحمد عاقبته، روي أن أناساً كانوا يتأثمون أن يقبل أحدهم من زوجته شيئاً مما ساق إليها فنزلت.
وفي المجمع والعياشي جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال اني أجد بوجع في بطني فقال ألك زوجة قال نعم قال استوهب منها شيئاً طيبة به نفسها من مالها ثم اشتر به عسلاً ثم اسكب عليه من ماء السماء ثم اشربه فاني سمعت الله سبحانه يقول في كتابه وأنزلنا من السماء ماءً مباركاً وقال يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس، وقال فان طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً فاذا اجتمعت البركة والشفاء والهنيء والمريء شفيت ان شاء الله تعالى ففعل ذلك فشفي.