التفاسير

< >
عرض

فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢٧
ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ
٢٨
وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ
٢٩
إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ
٣٠
نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ
٣١
نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ
٣٢
-فصلت

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (27) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَءَ الَّذِى كَانُوا يَعْمَلُونَ } سيّئات اعمالهم وقد سبق مثله.
{ (28) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللهِ النّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } ينكرون الحقّ.
{ (29) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذِينَ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ } شيطاني النّوعين الحاملين على الضلالة والعصيان.
في المجمع عن امير المؤمنين عليه السلام يعنون ابليس الابالسة وقابيل ابن آدم اوّل من ابدع المعصية.
والقمّي قال العالم عليه السلام من الجنّ ابليس الذي ردّ عليه قتل رسول الله صلّى الله عليه وآله واضلّ الناس بالمعاصي وجاء بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله الى ابي بكر فبايعه ومن الانس فلان.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال هما ثمّ قال وكان فلان شيطاناً.
أقولُ: لعلّ ذلك لأنّ ولد الزنا يخلق من مائي الزّاني والشيطان معاً وفي رواية هما والله هما ثلاثاً وقرئ ارنا بالتخفيف { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا } ندسّهما انتقاماً منهما { لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ } ذلاّ ومكاناً.
{ (30) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ } اعترافاً بربوبيّته واقراراً بوحدانيّته { ثُمَّ اسْتَقَامُوا } على مقتضاه. القمّي قال على ولاية امير المؤمنين عليه السلام ويأتي ما في معناه وفي نهج البلاغة وانّي متكلّم بعدة الله وحجّته قال الله تعالى انّ الذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا الآية وقد قلتم ربّنا الله فاستقيموا على كتابه وعلى منهاج امره وعلى الطريقة الصالحة من عبادته ثمّ لا تمرقوا منها ولا تبتدعوا فيها ولا تخالفوا عنها فانّ اهل المروق منقطع بهم عند الله يوم القيامة { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ }.
في المجمع عن الصادق عليه السلام والقمّي قال عند الموت { أَلاّ تَخَافُوا } تقدمون عليه { وَلاَ تَحْزَنُوا } على ما خلّفتم { وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِى كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } في الدنيا.
{ (31) نَحْنُ أَوْلِيَاءُكُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } القمّي قال كنّا نحرسكم من الشياطين { وَفِى الآخِرَةِ } قال اي عند الموت { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } ما تتمنّون من الدّعاء بمعنى الطلب.
{ (32) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ }.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال استقاموا على الأئمّة واحداً بعد واحد.
وفي المجمع عن الرضا عليه السلام انّه سئل ما الاستقامة قال هي والله ما انتم عليه.
وعن الباقر عليه السلام نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا اي نحرسكم في الدنيا وعند الموت في الآخرة.
والقمّي عن الصادق عليه السلام قال ما يموت موالٍ لنا مبغض لأعدائنا الاّ ويحضره رسول الله صلّى الله عليه وآله وامير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام فيرونه ويبشّرونه وان كان غير مُوالٍ يراهم بحيث يسوء والدّليل على ذلك قول امير المؤمنين عليه السلام لحارث الهمداني (يا حار همدان من يمت يرني) من مؤمن او منافق قبلا.
وفي تفسير الإِمام عليه السلام عنه قوله تعالى
{ { يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمْ } [البقرة: 46] من سورة البقرة قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لا يزال المؤمن خائفاً من سوء العاقبة ولا يتيقّن الوصول الى رضوان الله حتّى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له وذلك انّ ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدّة علّته وعظيم ضيق صدره بما يخلّفه من امواله وبما هو عليه من اضطراب احواله من معامليه وعياله وقد بقيت في نفسه حسراتها واقتطع دون امانيّه فلم ينلها فيقول له ملك الموت ما لك تتجرّع غصصك قال لاضطراب احوالي واقتطاعك لي دون آمالي فيقول له ملك الموت وهل يحزن عاقل من فقد درهم زايف واعتياض الف الف ضعف الدنيا فيقول لا فيقول ملك الموت فانظر فوقك فينظر فيرى درجات الجنان وقصورها التي يقصر دونها الاماني فيقول ملك الموت تلك منازلك ونعمك وأموالك وأهلك وعيالك ومن كان من أهلك ههنا وذرّيتك صالحاً فهم هنالك معك افترضى بدلاً ممّا ههنا فيقول بلى والله ثم يقول انظر فينظر فيرى محمّداً وعليّاً والطّيبين من آلهما عليهم السلام في اعلى علّيّين فيقول او تريهم هؤلاء ساداتك وائمّتك هم هناك جُلاّسك وانّاسك افما ترضى بهم بدلاً ممّا تفارق هنا فيقول بلى وربّي فذلك ما قال الله عزّ وجلّ انّ الذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة الاّ تخافوا ولا تحزنوا فما امامكم من الاهوال فقد كفيتموها ولا تحزنوا على ما تخلّفونه من الذراري والعيال فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلاً منهم وابشروا بالجنّة التي كنتم توعدون هؤلاء أولياؤكم وهؤلاء ساداتكم انّاسكم وجلاّسكم.
وفي البصائر عن الباقر عليه السلام انّه قيل له يبلغنا انّ الملائكة تتنزّل عليكم قال اي والله لتنزّل علينا فتطأ فرشنا اما تقرأ كتاب الله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ } الآية.
وفي الخرايج عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال اما والله لربّما وسدناهم الوسايد في منزلنا وقال هُم الطف بصبياننا منّا بهم وربما التقطنا من زغبها.
وفي الكافي عنه عن ابيه عن جدّه عليهم السلام في حديث ليلة القدر قال زعم ابن عبّاس انّه من الذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا فقلت له هل رأيت الملائكة تخبرك بولايتها لك في الدنيا والآخرة مع الامن من الخوف والحزن قال فقال انّ الله تبارك وتعالى يقول انّما المؤمنون اخوة وقد دخل في هذا جميع الامّة فاستضحكت ثمّ قلت صدقت يا ابن عبّاس.