التفاسير

< >
عرض

وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ
٢٧
لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
٢٨
إِنِّيۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ
٢٩
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٣٠
-المائدة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (27) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَىْ آدَمَ } قابيل وهابيل { بِالْحَقِّ } بالصدق { إذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً } القربان ما يتقرب به إلى الله من ذبيحة أو غيرها { فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا } لأنه رضي بحكم الله وأخلص النّية لله وعمد إلى أحسن ما عنده وهو هابيل { وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ } لأنّه سخط حكم الله ولم يخلص النّية في قربانه وقصد إلى أخسّ ما عنده وهو قابيل { قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ } توعده بالقتل لفرط حسده له على تقبل قربانه { قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } يعني انما أتيت من قبل نفسك بترك التقوى لا من قبلي قيل فيه اشارة الى أنّ الحاسد ينبغي أن يرى حرمانه من تقصيره ويجتهد في تحصيل ما به صار المحسود محظوظاً الا في ازالة حظه فانّ ذلك مما يضره ولا ينفعه وان الطاعة لا تقبل الا من مؤمن متق.
{ (28) لَئِن بَسَطتَ إلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَآ أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ } وقرء يدي باسكان الياءِ { إلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمينَ }
{ (29) إِنِّي أُرِيدُ أن تَبُوأَ } أن ترجع { بِإثْمِى وَإثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَاب النَّارِ وَذلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمينَ } لعل غرضه بالذات أن لا يكون ذلك له لا أن يكون لأخيه في ثواب الأعمال عن الباقر عليه السلام من قتل مؤمناً أثبت الله على قاتله جميع الذنوب وبرأ المقتول منها وذلك قول الله عزّ وجلّ إنّي أريد أن تبوء باثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار.
{ (30) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ } اتسعت له { قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ديناً ودنيا إذ بقي مدة عمره مطروداً محزوناً نادماً.
في المجمع عن الباقر عليه السلام أنّ حوَّاء امرأة آدم كانت تلد في كل بطن غلاماً وجارية فولدت في أوّل بطن قابيل وقيل قابين وتوأمته أقليما بنت آدم والبطن الثاني هابيل وتوأمته ليوذا فلما أدركوا جميعاً أمر الله تعالى أن ينكح آدم قابيل أخت هابيل وهابيل أخت قابيل فرضي هابيل وأبى قابيل لأن أخته كانت أحسنهما وقال ما أمر الله بهذا ولكن هذا من رأيك فأمرهما أن يقربا قربانا فرضيا بذلك فعمد هابيل وكان صاحب ماشية فأخذ من خيرغنمه وزبداً ولبناً وكان قابيل صاحب زرع فأخذ من شرّ زرعه ثم صعدا فوضعا القربانين على الجبل فأتت النار فأكلت قربان هابيل وتجنبت قربان قابيل وكان آدم غايباً بمكة خرج إليها ليزور البيت بأمر ربه فقال قابيل لا عشت يا هابيل في الدنيا وقد تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني وتريد أن تأخذ أختي الحسناء وآخذ أختك القبيحة فقال له هابيل ما حكاه الله تعالى فشدخه بحجر فقتله والعياشي عن الصادق عليه السلام في حديث سبق صدره في أوّل سورة النساء قيل له انهم يزعمون أن قابيل انما قتل هابيل لأنهما تغايرا على أختهما فقال تقول هذا ما تستحي أن تروي هذا على نبي الله آدم فقيل فبم قتل قابيل هابيل فقال في الوصية ثم قال إن الله تبارك وتعالى أوحى الى آدم أن يدفع الوصية واسم الله الأعظم الى هابيل وكان قابيل أكبر فبلغ ذلك قابيل فغضب فقال أنا أولى بالكرامة والوصية فأمرهما أن يقربا قرباناً بوحي من الله إليه ففعلا فتقبل الله قربان هابيل فحسده قابيل فقتله.
وفي الأكمال عن الباقر عليه السلام قال بعد ذكر قربانيهما وكان القربان إذا قبل تأكله النار فعمد قابيل فبنى لها بيتاً وهو أوّل من بنى للنار البيوت وقال لأعبدنّ هذه النّار حتّى يتقبل قرباني ثم إنّ عدوّ الله إبليس قال لقابيل إنّه قد تقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربانك فان تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك فقتله قابيل فلما رجع الى آدم قال له يا قابيل اين هابيل فقال ما أدري وما بعثتني راعياً له فانطلق آدم فوجد هابيل مقتولاً فقال لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل فبكى آدم على هابيل أربعين ليلة وفي الكافي عنه عليه السلام ما في معناه.