التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
٤
ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ
٥
-المائدة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (4)يَسْأَلُونَكَ ماذآ أَُحِلَّ لَهُمُ } كأنهّم لمّا تلى عليهم ما حرّم عليهم سألوا عمّا أحلّ لهم { قُلْ أُحِِلَّ َلكُمُ الطَّيِّباتُ } قيل ما لم يستخبثه الطّباع السّليمة ولم تتنفّر عنه { وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الجَوَارِحِ } أي صيدهنَّ وهي كواسب الصّيد على أهلها من السّباع والطّير { مُكَلِّبِينَ } مؤدّبين لها والمكلّب مؤدّب الجوارح ومغرياها بالصّيد مشتقّ من الكلب.
في الكافي والتهذيب عن الصّادق عليه السلام في كتاب عليّ عليه السلام في قول الله تعالى وما علّمتم من الجوارح مكَلّبين قال هي الكلاب.
وعنه عليه السّلام إذا أرسلت بازاً أو صقراً أو عقاباً فلا تأكل حتى تدركه فتذكّيه وان قتل فلا تأكل.
وعنه عليه السلام وقد سئل عن ارسال الكلب والصّقر فقال وامّا الصقّر فلا تأكل من صيده حتّى تدرك ذكاته وأمّا الكلب فكل منه إذا ذكرت اسم الله عليه أكل الكلب منه أو لم يأكل وفي معناهما أخبار كثيرة { تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ } الهمكم من طرق التّأديب وفسرّ أدبه باتّباع الصّيد بارسال صاحبه وانزجاره بزجره وانصرافه بدعائه وامساكه عليه الصّيدفي الكافي عن الباقر عليه السّلام ما قتلت من الجوارح مكلّبين وذكرتم اسم الله عليه فكلوا من صيدهن وما قتلت الكلاب التي لم تعلّموها من قبل.
أن تدركوه فلا تطعموه.
وفي الكافي والفقيه والتّهذيب عن الصّادق عليه السّلام قال في صيد الكلب إن أرسله صاحبه وسمّى فليأكل كلّ ما أمسك عليه وان قتل وان أكل فكل ما بقي وان كان غير معلّم فعلّمه ساعته حين يرسله فليأكل منه فانّه معلّم فامّا ما خلا الكلب ممّا تصيده الفهود والصّقور واشباه ذلك فلا تأكلْ من صيده الاَّ ما تدرك ذكاته لأنَّ الله عزّ وجلّ قال مكلّبين فما خلا الكلاب فليس صيده بالّذي يؤكل الاّ أن تدرك ذكوته وأمَّا الأخبار الّتي وردت بخلاف ذلك فمحمولة على التقيّة لموافقتها مذاهب العامّة كما بيّناه في الوافي { فَكُلُوا مِمِّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ }.
القمّي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن صيد البزاة والصّقور والفهود والكلاب قال لا تأكل الاّ ما ذكّيت الاّ الكلاب قيل فان قتله قال كل فانّ الله يقول وما علّمتم من الجوارح مكلّبين تعلّمونهنّ ممِّا عَلمكم الله فكلوا مّما أمسكن عليكم ثم قال فكلوا ممّا أمسكن عليكم ثم قال كل شيء من السباع يمسك الصيد على نفسها الاّ الكلاب المعلّمة فإنّها تمسك على صاحبها وقال إذا ارسلت الكلب المعلّم فاذكر اسم الله عليه فهو ذكاته { وَاتَّقُوا اللَّهَ } فيما حرَّم عليكم { إنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } فيؤاخذكم بما جلّ ودقّ.
{ (5)الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ }.
القميّ قال عنى بطعامهم هيهنا الحبوبُ والفاكهة غير الذبايح الّتي يذبحونها فانهّم لا يذكرون اسم الله عليه خالصاً على ذبايحهم ثم قال والله ما استحلوا ذبايحكم فكيف تستحلّون ذبايحهم.
وفي الكافي وغيره عنهما عليهما السّلام في عدّة أخبار أنّ المراد به الحبوب والبقول وفي بعضها لا تأكل من ذبايح اليهود والنّصارى ولا تأكل من آنيتهم وفي بعضها الذّبيحة بالإسم ولا يؤمن عليها الاّ أهل التّوحيد وفي بعضها إذا شهدتموهم وقد سمّوا اسم الله فكلُوا ذبايحهم وان لم تشهدوهم فلا تأكلوا وان أتاك رجل مسلم فاخبرك أنهّم سمّوا فكل وفي بعضها لا تأكله ولا تتركه تقول أنّه حرام ولكن تتركه تنزّهاً عنه انّ في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } فلا جناح عليكم أن تطعموهم منهم وتبيعوه منهم { وَالْمُحْصَناتُ } واحلّ لكم العقد على العفائف { مِنَ الْمُؤْمِناتِ }.
العيَاشي عن الصّادق عليه السّلام هن المسلمات { وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُوُتُوا الْكِتابَ مِن قَبْلِكُمْ } في الفقيه عن الصادق عليه السلام هنّ العفايف.
والعياشي عن الكاظم عليه السلام أنه سئل ما معنى احصانهنّ قال هنّ العفايف من نسائهم.
وفي الكافي والمجمع والعياشي عن الباقر عليه السّلام أنهّا منسوخة بقوله ولا تمسكوا بعصم الكوافر.
وزاد في المجمع وبقوله ولا تنكِحوا المشركات.
والقميّ أحلّ الله نكاح أهل الكتاب بعد تحريمه في قوله في سورة البقرة
{ { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } [البقرة: 221] وانّما يحلّ نكاح أهل الكتاب الّذين يؤدّون الجزية وغيرهم لم تحلّ مناكحتهم.
أقول: ويؤيّد هذا الحديث النّبويّ أنّ سورة المائِدة آخر القرآن نزولاً فَاَ حلّوا حلالها وحرّموا حرامها.
وفي الكافي عن الحسن بن الجهم قال قال لي أبو الحسن الرّضا عليه السّلام يا أبا محمّد ما تقول في رجل يتزوّج نصرانية على مسلمة قلت جعلت فداك وما قولي بين يديك قال لتقولنّ فانّ ذلك تعلم به قولي قلت لا يجوز نصرانية على مسلمة ولا على غير مسلمة قال ولم قلت لقول الله تعالى
{ { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } [البقرة: 221] قال فما تقول في هذه الآية { والمُحصنات من المؤمنات والمُحصنات من الذّين أوتوا الكتابَ من قبلكم } قلت فقوله { ولا تنكِحوا المشركات } نسخت هذه الآية فتبسّم ثم سكت.
وفيه وفي الفقيه عن الصّادق عليه السلام في الرجّل المؤمن يتزوّج النّصرانية واليهوديّة قال إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنّصرانية فقيل يكون له فيها الهوى فقال ان فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير واعلم أن عليه في دينه غضاضة.
وعن الباقر عليه السلام لا ينبغي للمسلم أن يتزوّج يهوديّة ولا نصرانيّة وهو يجد مسلمة حرّة أو أمة.
وعنه عليه السّلام انّما يحلّ منهنّ نكاح البله.
وفي الفقيه عنه عليه السلام أنّه سئل عن الرجّل المسلم أيتزوّج الجوسيّة قال لا ولكن ان كانت له أمة مجوسيّة فلا بأس أن يطأها ويعزل عنها ولا يطلب ولدها وفي رواية لا يتزوّج الرّجل اليهوديّة والنصرانيّة على المسلمة ويتزوّج المسلمة على اليهوديّة والنّصرانيّة وفي التّهذيب عن الصادق عليه السّلام لا بأس أن يتمتّع الرّجل باليهوديّة والنّصرانيّة وعنده حرّة.
وفيه في جواز التمتّع بهما وبالمجوسيّة أخبار أُخر { إذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } مهورهن { مُحْصِنِِينَ } اعفاء بالنكاح { غَيْرَ مُسَافِحِينَ } غير مجاهرين بالزّنا { وَلاَ مُتَّخِذِي أخْدَانٍ } مسرّين به والخدن الصّديق يقع على الذكر والأنثى { وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيْمَانِ } بجحد الشرايع أو بتركها في الكافي عن الصّادق عليه السلام في تفسيره ترك العمل الّذي أقرّ به من ذلك أن يترك الصّلاة من غير سقم ولا شغل.
وفي رواية ترك العمل حتّى يدعه أجمع والعياشي مثله وروى هو عن الصّادق عليه السّلام أدنى ما يخرج به الرّجل من الإسلام أن يرى الرأي بخلاف الحقّ فيقيم عليه قال من يكفر بالإيمان الّذي لا يعمل بما أمر الله به ولا يرضى به وعن الباقر عليه السلام يعني ولاية عليّ عليه السّلام.
والقميّ قال من آمن ثمّ أطاع أهل الشرّك { فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ }.