التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ
٥٥
-المائدة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (55) إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }.
في الكافي عن الصادق عليه السلام في تفسر هذه الآية يعني أولى بكم أي أحق بكم وبأموركم من أنفسكم وأموالكم الله ورسوله والَّذِينَ آمنوا يعني عليّاً وأولاده الأئمّة الى يوم القيامة ثم وصفهم الله فقال الّذين يقيمون الصَّلاةِ ويؤتون الزّكوة وهم راكعون وكان أمير المؤمنين عليه السلام في صلاة الظهر وقد صلّى ركعتين وهو راكع وعليه حلّة قيمتها ألف دينار وكان النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أعطاه إيّاها وكان النّجاشي أهداها له فجاء سائل فقال السلام عليك يا وليّ الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم تصدّق على مسكين فطَرَحَ الحلّة إليه وأومى بيده إليه ان أحملها فأنزل الله عزّ وجلّ فيه هذه الآية وصيرّ نعمة أولاده بنعمته فكل من بلغ من أولاده مبلغ الامامة يكون بهذه النّعمة مثله فيتصدّقون وهم راكعون والسّائل الذي سئل أمير المؤمنين عليه السلام من الملائكة والّذينْ يسألون الأئمّة من أولاده يكونون من الملائكة.
وعنه عن أبيه عن جدّه عليهم السَّلام في قوله عزّ وجلّ
{ { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا } [النحل: 83] قال لمّا نزلت { إنّما وليّكم الله } الآية اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم في مسجد المدينة فقال بعضهم إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها وإن آمنّا فانّ هذا ذلّ حين يسلّط علينا علي بن أبي طالب عليه السلام فقالوا قد علمنا أنّ محمّداً صلىّ الله عليه وآله وسلم صادق فيما يقول ولكنّا نتولاّه ولا نطيع عليّاً فيما أمرنا قال فنزلت هذه الآية يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها يعني ولاية عليّ وأكثرهم الكافرون بالولاية.
وعنه عليه السلام أنّه سئل الأوصياء طاعتهم مفروضة فقال نعم هم الّذين قال الله
{ { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59] وهم الّذين قال الله { إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا } الآية.
وفي الإِحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث فقال المنافقون فهل بقي لربّك علينا بعد الذي فرض علينا شيء آخر يفترض فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنّه لم يبق غيره فأنزل الله في ذلك قل إنّما أعظكم بواحدة يعني الولاية فأنزل الله { إنّما وليّكم الله ورسوله } الآية وليس بين الأمّة خلاف إنّه لم يؤتِ الزّكاة يومئذ أحد منهم وهو راكع غير رجل واحد ولو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط.
"وعن الباقر عليه السلام عن رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم في حديث في قوله سبحانه { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [المائدة: 67] قال وأنا مبينّ لكم سبب نزول هذه الآية إنّ جبرئيل هبط إليّ مراراً يأمرني عن السّلام ربّي وهو السّلام ان أقوم في هذا المشهد فَأُعْلِمَ كُلّ أبيض وأسود أنّ علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه أخي ووصييّ وخليفتي والإِمام من بعدي وهو وليّكم بعد الله ورسوله وقد أنزل الله تبارك وتعالى عليّ بذلك آية من كتابه إنّما وليّكم الله ورسوله الآية" وعلّي بن أبي طالب عليه السلام أقام الصّلاة وآتى الزّكاة وهو راكع يريد الله عزّ وجلّ في كل حال.
وفي الخصال في احتجاج علي صلوات الله عليه على أبي بكر قال فانشدك بالله أَلِيَ الولاية من الله مع ولاية رسوله في آية زكاة الخاتم أم لك قال بل لك وفيه في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وتعدادها قال وأمّا الخامسة والستّون فانّي كنت أصليّ في المسجد فجاء سائل وأنا راكع فناولته خاتمي من أصبعي فأنزل الله تعالى إنّما وليّكم الله ورسوله الآية.
والقميّ
"عن الباقر عليه السلام قال بينما رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم جالس وعنده قوم من اليهود وفيهم عبد الله بن سلام إذ نزلت عليه هذه الآية فخرج رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم إلى المسجد فاستقبله سائل فقال هل أعطاك أحد شيئاً قال نعم ذاك المصليّ فجاءَ رسول الله صلىّ عليه وآله وسلم فاذا هو أمير المؤمنين عليه السلام" .
والأخبار مما روته العامة والخاصة في أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام كثيرة جدّاً ونقل في المجمع عن جمهور المفسّرين أنهّا نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام حين تصدق بخاتمه في ركوعه وذكر قصته عن ابن عباس وغيره ويمكن التوفيق بين ما رواه في الكافي أنّ المصدّق به كان حلة وبين ما رواه غيره واشتهر بين الخاصة والعامة أنه كان خاتماً بأنّه لعلّه تصدّق في ركوعه مرّة بالحلّة واخرى بالخاتم والآية نزلت بعد الثانية وفي قوله تعالى ويؤتون اشعار بذلك لتضمنه التكرار والتجّدد كما أنّ فيه اشعار بفعل أولاده أيضاً.