التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ
٥٦
يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ أَوْلِيَآءَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
٥٧
وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ
٥٨
قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ
٥٩
-المائدة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (56) وَمَنْ يَـتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }.
فانّ هم الغالبون وضع الظاهر موضع المضمر تنبيهاً على البرهان عليه وكأنه قيل فانهّم حزب الله وأنّ حزب الله هم الغالبون وتنويهاً بذكرهم وتعظيماً لشأنهم وتشريفاً لهم بهذا الإِسم وتعريضاً بمن يوالي غير هؤلاءِ بأنّه حزب الشيطان واصل الحزب القوم يجتمعون لأمر حزبهم، في المجالس
"عن الباقر عليه السلام في قوله { إنّما وليّكم الله } الآية قال انّ رهطاً من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن أمين وابن صوريا فأتوا النّبي صلىّ الله عليه وآله وسلم فقالوا يا نبيّ الله إنّ موسى أوصى الى يوشع بن نون فمن وصيّك يا رسول الله ومن وليّنا بعدك فنزلت هذه الآية { إنّما وليكم الله ورسوله } الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوموا فقاموا فأتوا المسجد فاذا سائل خارج فقال يا سائل ما أعطاك أحد شيئاً قال نعم هذا الخاتم قال من أعطاكه قال اعطانيه ذلك الرّجل الّذي يصليّ قال قال على أي حال أعطاك قال كان راكعاً فكبّر النّبي صلىّ الله عليه وآله وكبّر أهل المسجد فقال النبي صلىّ الله عليه وآله وسلم عليّ بن أبي طالب عليه السلام وليّكم بعدي قالوا رضينا بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمّد صلىّ الله عليه وآله وسلم نبيّاً وبعليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه وليّاً فأنزل الله { ومن يتولّ الله ورسوله والّذين امنوا فانّ حِزب الله هم الغالبون }" .
وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال والله لقد تصدقت بأربعين خاتماً وأنا راكع لينزل فيَّ ما نزل في علي بن أبي طالب فما نزل.
وفي لإِحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السّلام والّذين آمنوا في هذا الموضع هم المؤتمنون على الخلائق من الحجَج والأَوصياء في عصر بعد عصر.
وفي التّوحيد
"عن الصّادق عليه السّلام يجيء رسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة آخذاً بحجزة ربّه ونحن آخذون بحجزة نبيّنا صلىّ الله عليه وآله وشيعتنا آخذون بحجزتنا فنحن وشيعتنا حزب الله وحزب الله هم الغالبون والله ما يُزعَم انّها حجزة الازار ولكنّها اعظم من ذلك يجيء رسول الله صلّى الله عليه وآله آخذاً بدين الله ونحن نجيء آخذين بدين نبيّنا صلّى الله عليه وآله وتجيء شيعتنا آخذين بديننا" .
{ (57) يَآ أَيُّهَا الَّذِين آمَنُواْ لا تَتَّخِذوُا الَّذِينَ اتّخَذُوُا دينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبلِكُمْ وَالكُفَّارَ أَولِيَآءَ } وقرء الكفّار بالجَرِّ الى رتّب النّبي عن موالاتهم على اتّخاذهم دينهم هزواً ولعباً ايماء على العلّة وتنبيهاً على انّ من هذا شأنه بعيد عن الموالاة جدير بالمعاداة قيل نزلت في رفاعة بن زيد وسويد بن الحارث اظهر الإِسلام ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادّونهما خصّ المنافقين باسم الكفار وان عم اهل الكتاب لتضاعف كفرهم { واتَّقُوا اللهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنينَ }.
{ (58) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوُها هُزُواً وَلَعِباً } اتّخذوا الصّلاة والمناداة مضحكة روى انّ نصرانيّاً بالمدينة كانَ اذا سمع المؤذّن يقول اشهد انّ محمّداً رسول الله صلّى الله عليه وآله قال احرق الله الكاذب فدخل خادمه ذات ليلة بنار واهله نيام فتطاير شرارة في البيت فاحرقه واهله { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } فانّ السّفه يؤدي الى الجهل بالحقّ والهزء به والعقل يمنع منه.
{ (59) قُلْ يَآ أُهْلَ الكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنّآ } هل تنكرون منا وتعيبون { إِلآّ أَنْ ءَامَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِليْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قََبْلُ } بالكتب المنزلة كلّها { وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ } وبأن اكثركم خارجون عن امر الله طلباً للرّياسة وحَسَداً على منزلة النّبوة.