التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَٰهُمْ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ
٦٥
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ
٦٦
يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ
٦٧
-المائدة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (65) وَلَوْ أََنَّ أَهْلَ الْكِتَاِبِ آمَنُواْ } بمحمّد صلّى الله عليه وآله وبما جاء به { واتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } التي فعلوها ولم يؤاخذهم بها { وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ } فإِنَّ الإِسلام يجبّ ما قبله وان جلّ.
{ (66) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقََامُواْ التَّوراةَ والإِنْجِيلَ } باذاعة ما فيهما والقيام بأحكامهما { وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِّنْ رَّبِّهِمْ }.
في الكافي والعيّاشي عن الباقر عليه السلام يعني الولاية { لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } لوسّع عليهم ارزاقهم وافيض عليهم بركات من السماء والأرض.
القمّي قال من فوقهم المطر ومن تحت ارجلهم النّبات { مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ } قد دخلوا في الإِسلام، القمي قوم من اليهود دخلوا في الإِسلام فسمّاهم الله مقتصدة { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَايَعْمَلُونَ } وفيه معنى التعجّب أي ما اسوء عملهم وهم الذين اقاموا على الجحود والكفر.
{ (67) يَآ أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } يعني في عليّ صلوات الله عليه فعنهم عليهم السّلام كذا نزلت { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رسَالَتَهُ } ان تركت تبليغ ما انزل اليك في ولاية عليّ عليه السلام وكتمته كنت كأنّك لم تبلّغ شيئاً من رسالات في استحقاق العقوبة وقرء رسالته على التّوحيد { وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } يمنعك من ان ينالوك بسوءٍ { إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرينَ } في الجوامع
"عن ابن عبّاس وجابر عن عبد الله رضي الله عنه أنّ الله تعالى امر نبيّه صلّى الله عليه وآله ان ينصب عليّاً عليه الصّلاة والسلام للناس ويخبرهم بولايته فتخوّف ان يقولوا حامى ابن عمّه وان يشقّ ذلك على جماعة من اصحابه فنزلت هذه الآية فأخذ بيده يوم غدير خم وقال صلّى الله عليه وآله من كنت مولاه فعليّ مولاه."
وقرء العيّاشي عنهما عليهما السلام ما في معناه.
ورواه في المجمع عن الثّعلبيّ والحسكاني وغيرهما من العامّة وفي الكافي عن الباقر عليه السّلام في حديث ثمّ نزلت الولاية وانّما اتاه ذلك يوم الجمعة بعرفة انزل الله تعالى
{ { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } [المائدة: 3] "وكان كمال الدّين بولاية عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه فقال عند ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله امّتي حديثوا عهد بالجاهليّة ومتى اخبرتهم بهذا في ابن عمّي يقول قائل ويقول قائل فقلت في نفسي من غير ان ينطق به لساني فأتتني عزيمة من الله بتلة اوعدني ان لم ابلّغ أن يعذّبني فنزلت { يا ايّها الرّسُول بلّغ } الآية.
فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله بيد عليّ عليه السّلام فقال:
أيّها النّاس انّه ان لم يكن نبيّ من الأنبياء ممّن كان قبلي الاّ وقد كان عمّره الله ثمّ دعاه فأجابه فاُوشك ان ادعى فأجيب وانا مسؤول وانتم مسؤولون فماذا انتم قائلون؟
فقالوا نشهد انّك قد بلّغت ونصحت وادّيت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين.
فقال اللّهم اشهد ثلاث مرّات ثم قال:
يا معشر المسلمين هذا وليّكم من بعدي فليبلّغ الشّاهد منكم الغائب قال ابو جعفر عليه السّلام كان والله امين الله على خلقه وغيبه ودينه الّذي ارتضاه لنفسه"
.
وعنه عليه السلام امر الله عزّ وجلّ رسوله بولاية عليّ عليهما السّلام وانزل عليكم { إنّما وليّكم الله ورسوله } الآية وفرض ولاية اولي الأمر فلم يدرُوا ما هي فأمر الله محمّداً صلّى الله عليه وآله ان يفسّر لهم الولاية كما فسّر لهم الصّلاة والزّكاة والصّوم والحجّ فلمّا اتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله صلّى الله عليه وآله وتخوّف ان يرتدوا عن دينهم وان يكذّبوه فضاق صدره وراجع ربّه عزّ وجلّ فأوحى الله تعالى اليه { يا أيُّها الرّسول } الآية وصدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية عليّ عليه السلام يوم غدير خم فنادى الصلاة جامعةً وأمر الناس ان يبلّغ الشّاهد الغائب.
قال عليه السلام وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرايض فأنزل الله عزّ وجلّ { اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي } قال يقول الله تعالى عزّ وجلّ لا انزل عليكم بعدها فريضة قد اكملت لكم الفرائض.
وفي الاحتجاج عنه عليه السلام أنه قال
"قد حج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم من المدينة وقد بلغ جميع الشرايع قومه غير الحج والولاية فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال له يا محمد إنّ الله عزّ وجلّ يقرؤك السّلام ويقول لَكَ إِنّي لم أقبض نبيّاً من أنبيائي ولا رسولاً من رسلي إلا بعد اكمال ديني وتأكيد حجتي وقد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغهما قومك: فريضة الحجّ، وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فإني لم أخل أرضي من حجة ولن أُخليها أبداً فإنّ الله يأمرك أن تبلّغ قومك الحجّ تحجّ ويحجّ معك كلّ من استطاع إليه سبيلاً من أهل الحضر والأطراف والأعراب وتعلّمهم من حجّهم مثل ما علّمتهم من صلواتهم وزكاتهم وصيامهم وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتهم من الشرائع.
فنادى مناد من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في النّاس إلا إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يريد الحجّ وأن يعلّمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وخرج معه النّاس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحجّ بهم وبلغ من حجّ مع رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على نحو عدد أصحاب موسى سبعين ألفاً الذين أخذ عليهم ببيعة هارون فنكثوا واتّبعوا العجل والسّامريّ وكذلك رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم أخذ البيعة لعليّ بن أبي طالب عليه السلام بالخلافة على عدد أصحاب موسى فنكثوا البيعَة واتّبعُوا العجل سنّة بسنّة ومثلاً بمثل واتّصلت التّلبية ما بين مكّة والمدينة.
فلمّا وقف بالموقفِ أتاه جبرئيل عن الله تعالى فقال: يا محمد صلىّ الله عليه وآله وسلم إنّ الله تعالى يقرؤك السلام ويقول لك أنّه قد دنا أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بدّ منه ولا عنه محيص فاعهد عهدك وقدّم وصيتك واعمد الى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياءِ من قبلك والسّلاح والتّابوت وجميع ما عند من آيات الأنبياءِ فسلّمها الى وصيّتك وخَليفتك من بعد حجتّي البالغة على خلقي عليّ بن أبي طالب عليه السلام فأقمه للنّاس علماً وجدّد عهده وميثاقه وبيعته وذّكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية ولىّ ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة عليّ بن أبي طالب عليه السلام فانّي لم أقبض نبيّاً من الأنبياء إلاّ من بعد اكمال ديني واتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي وذلك كمال توحيدي وديني واتمام نعمتي على خلقي باتّباع وليّي وطاعته وذلك أنّي لا أترك أرضي بلا قيّم ليكون حجّة لي على خلقي { فالْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينكُمْ } الآية بولاية وليّي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة عليّ عبدي ووصي نبيّ والخليفة من بعده وحجتي البالغة على خلقي مقرون طاعته بطاعة محمّد صلىّ الله عليه وآله وسلم نبيّي ومقرون طاعته مع طاعة محمّد صلىّ الله عليه وآله وسلم بطاعتي من اطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني جعلته علماً بيني وبين خلقي من عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً ومن أشرك بيعته كان مشركاً ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار فأقم يا محمّد عليّاً صلوات الله عليهما علماً وخذ عليهم البيعة وجدّد عليهم عهدي وميثاقي لهم الّذي واثقتهم عليه فانّي قابضك اليّ ومستقدمك عليّ.
فخشي رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم قومه وأهل النِّفاق والشّقاق أن يتفرقوا ويرجعُوا جاهليّةً لما عرف من عداوتهم ولما ينطوي عليه أنفسهم لعليّ عليه السلام من البغضة وسأل جبرئيل أن يسأل ربّه العصمة من النَّاس وانتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من النّاس من الله جلّ اسمه فأخّر ذلك الى أن بلغ مسجد الخَيْف فأتاه جبرئيل في مسجد الخَيْف فأمره أن يعهد عهده ويقيم عليّاً صلوات الله عليه للنّاس ولم يأته بالعصمة من الله جلّ جلاله الذي أراد حتى أتى كُراعَ الغميم بين مكّة والمدينة فأتاه جبرئيل عليه السلام وأمره بالذي أتاه به من قبل الله ولم يأته بالعصمة من الله جلّ جلاله الذي أراد فقال يا جبرئيل إنّي اْخشى قومي أن يكذّبوني ولا يقبلوا قولي في عليّ عليه السلام فرَحَل فلما بلغ غدير خمّ قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرئيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس فقال يا محمّد إنّ الله تعالى يقرؤك السّّلام ويقول لك يا أيهّا الرّسول بلّغ ما أُنزل إليك من رَبّك في عليّ صلوات الله وسلامه عليه وَان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يَعْصِمُكَ من الناس وكان أوايلهم قربت من الجحفة فأمره بأن يُرَّدَ من تقدم منهم ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان ليقيم عليّاً عليه السلام للنّاس ويبلّغهم ما أَنزل الله تعالى في عليّ عليه السلام وأخبره بأنّ الله عزّ وجلّ قد عصمه من النّاس.
فأمر رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم عندما جاءته العصمة منادياً ينادي في النّاس بالصّلاة جامعةً ويردّ من تقدم منهم ويحبس من تأخّر فتنحّى عن يمينَ الطّريق الى جنبِ مسجد الغدير وأمره بذلك جبرئيل عن الله عزّ جلّ وفي الموضع سلمات فأمر رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم أن يقم ما تحتهنّ وينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس فتراجع النّاس واحتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون فقام رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم فوق تلك الأحجار ثُمَّ حمد الله تعالى وأثنى عليه فقال صلىّ الله عليه وآله وسلم.
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي عَلاَ فِي تَوَحُّدِهِ وَدَنَا فِي تَفَرُّدِهِ وَجَلَّ فِي سَلْطَنَتِهِ وَعِظُمَ فِي أَرْكَانِهِ وَأَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً وَهُوَ فِي مَكَانِهِ وَقَهَرَ جَمِيعَ الْخَلْقِ بِقُدْرَتِهِ وَبُرْهَانِهِ مَجِيداً لَمْ يَزَلْ مَحْمُوداً لاَ يَزَالُ بَارِئُ المَسْمُوكاتِ وَدَاحِي المدْحُوَّاتِ وَجَبَّارُ الأَرضِينَ وَالسَّمَاوَاتِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْملآَئِكَةِ وَالرُّوحِ مُتَفَضِّلٌ عَلَى جَمَيعِ مَنْ بَرَاهُ مُتَطَوِّلٌ عَلَى جَمِيعِ مَنْ أَنْشَأَهُ يَلْحَظُ كُلَّ عِيْنٍ وَالْعُيُونُ لاَ تَرَاهُ كَرٍِيمٌ حَلِيمٌ ذُو أَنَاةٍ قَدْ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ برَحْمَتِهِ ومَنَّ عَلَيْهِمْ بِنِعْمَتِهِ لاَ يَعْجَلُ بِانْتِقَامِهِ وَلاَ يُبَادِرُ إِلَيْهِمْ بِمَا اسْتَحَقُّوا مِنْ عَذَابِهِ قَدْ فِهِمَ السَرَّائِرَ وَعِلِمَ الضَّمَائِرَ وَلاَ يَخْفَى عَلَيْهِ المكْنُونَاتُ وَلاَ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْخَفِيَّاتِ لَهُ الإِحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ وَالْغَلَبةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالْقُوَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَالْقُدْرَةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَهُوَ مُنْشِىءُ الشّيْءِ حِينَ لاَ شَيْءَ دَآئِمٌ قَآئِمٌ بِالقّسْطِ لاَ الهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبِيرُ لاَ يَلْحَقُ أَحَدٌ وَصْفَهُ مِنْ مُعَايَنَةٍ وَلاَ يَجِدُ أَحَدٌ كَيْفَ هُوَ مِنْ سِرٍّ وَعَلاَ نِيَةٍ إِلاَّ بِمَا دَلَّ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَفْسِهِ وَاشْهَدُ بِأَنَّهُ اللَّهُ الَّذِي مَلأَ الدَّهْرَ قُدْسُهُ وَالَّذِي يُغْشِي الأَبَدَ نُورُهُ وَالَّذِي يَنْفُذُ أَمْرُهُ بلاَ مُشَاورَةِ مُشِيرٍ وَلاَ مَعَهُ شَرِيكٌ فِي تَقْدِيرٍ وَلاَ تَفَاوُتٌ فِي تَدْبِيرٍ صَوَّرَ مَا أَبْدَعَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ وَخَلَقَ مَا خَلَقَ بِلاَ مَعُونَةٍ مِنْ أَحِدٍ وَلاَ تَكَلّفٍ وَلاَ احْتِيَالٍ أَنْشَاهَا فَكَانَتْ وَبَرأَهَا فَبَانَتْ وَهُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمُتْقِنُ الصَّنْعَةِ الْحَسَنُ الصَّنيعَةِ الْعَدْلُ الَّذِي لاَ يَجُورُ وَالأَكْرَمُ الَّذِي تُرْجَعُ إِلَيْهٍِ الأُمُورُ وَاشْهَدُ أَنَّهُ الَّذِي تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِقُدْرَتِهِ وَخَضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لَهِيْبَتِهِ مَالِكُ الأَمْلاَكِ وَمُفَلِّكُ الأَفْلاَكِ وَمُسَخِّرُ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ كُّلٌ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمّىً يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ يَطْلُلبُهُ حَثِيثاً قَاصِمُ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَمُهْلِكُ كُلِّ شَيْطَانٍ مَريد لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ضِدٌّ وَلاَ نِدٌّ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ يَلْدِ وَلَمْ يُولَدُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَرَبٌّ مَاجِدٌ يَشَآءُ فَيَمْضِي وَيُرِيدُ فَيَقْضِي وَيَعْلَمُ وَيُحْصِي وَيُمِيتُ وَيُحْيي وَيُفْقِرُ وَيُغْنِي وَيُضْحِكُ وَيُبْكِي وَيُدْني وَيُقْصِي وَيَمْنَعُ وَيُعْطي لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ لاَ إِِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفًَّارُ مُسْتَجِيبُ الدُّعَآءِ وَمُجْزلُ الْعَطآءِ مُحْصِي الأَنْفَاسِ وَرَبُّ الْجَنَّةِ وَالنَّاسِ لاَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلاَ يُضْجِرُهُ صرُاخُ الْمُسْتَصْرِخِينَ وَلاَ يُبْرِمُهُ الْحَاحُ الْمُلِحِّينَ العَاصِمُ لِلصَّالِحِينَ وَالْمُوَفِّقُ لِلْمُفْلِحِينَ وَمَوْلَى الْعَالَمِينَ الَّذِي اسْتَحَقَّ مِنْ كُلِّ مَنْ خَلَقَ أَنْ يَشْكُرَهُ وَيَحْمِدَهُ عَلَى السرَّآءِ وَالضرَّآءِ وَالشِّدَةِ وَالرَّخَآءِ وَاوُمِنُ بِهِ وَبِمَلآَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ أَسْمَعُ أَمْرَهُ وَأُطِيعُ وَأُبَادِرُ إلى كُلِّ مَا يَرْضَاهُ وَاسْتَسْلِمُ لِقَضَائِهِ رَغْبَةً فِي طَاعَتِهِ وَخَوْفاً مِنْ عُقُوبَتِهِ لإِنَّهُ الَّذِي لاَ يُؤْمَنُ مَكْرُهُ وَلاَ يُخَافَ جَوْرُهُ أُقرُّ عَلَى نَفْسِي بِالْعُبُودِيَّةِ وَأَشْهَدُ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَأُؤَدَّي مَا أَوْحَى إِلَيَّ حَذَراً مِنْ أَنْ لاَ أَفْعَلَ فَيَحِلَّ بِي مِنْهُ قَارِعَةٌُ لاَ يَدْفَعُهَا عَنِّي أَحَدٌ وَإنْ عَظُمَتْ حِيلَتُهُ لاَ إِلَهَ إلاَّ هُوَ لأَنَّهُ قَدْ أَعْلَمَنِي أَنّي إِنْ لَمْ أُبَلِّغْ مَا أُنْزَل إلَيَّ فَمَا بَلّغَتُ رِسَالَتَهُ فَقَدْ ضَمِنَ لِي تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْعِصْمَةَ وَهُوَ اللَّهُ الْكَافِي الكَرِيمُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فِي عَليٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلْيْهِ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ مَعَاشِرَ النَّاسِ مَا قَصَّرْتُ فِي تَبْلِيغِ مَا أَنْزَلَهُ وَأَنَا مُبَيِّنٌ لَكُمْ سَبَبَ هَذِهِ الآيَةِ إِنَّ جَبْرِئِيل هَبَطَ إِلَيَّ مِرَاراً يَأَمُرُني عَنِ السَّلاَمِ رَبِّي وَهُوَ السَّلاَمَ أَنْ أَقُومَ فِي هذَا الْمشْهَدِ فَأُعِلْمَ كُلَّ أبْيضَ وَأَسْوَدَ أَنَّ عَليَّ بِنْ أَبي طالِبٍ عليه السلام أخِي وَوَصِيّي وَخَلِيفَتي وَالإِمَامُ مِنْ بَعْدِي الَّذِي مَحَلَّهُ مِنّي مَحَلُّ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى عَلَيَّ بِذلِكَ آيَةً مِنْ كِتَابِهِ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُه وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكْاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَعَليُّ بْنُ أِبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَم أَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَهُوَ رَاكِعٌ يُرِيدُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ حَالٍ وَسَألتُ جَبْرَئِيلَ عليه السلام أَنْ يَسْتَعفي لِي عَنْ تَبْلِيغِ ذَلِكَ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ لِعِلْمِي بِقِلَّةِ الْمُتَّقِينَ وَكثْرَةِ المُنَافِقِينَ وَادِغَالِ الآَثِمينَ وَخَتَل المُسْتَهزئِينَ بِالإِسْلاَمَ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّهُ تَعَالى فِي كِتَابِهِ بَأَنَّهُمْ يَقُولُون بَأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَيَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَكَثْرَةِ اذا هُمْ ليِ غَيْرَ مَرَّةٍ حَتَّى سَمُّوني أُذُناً وَزَعَمُواْ أَنِّي كَذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَلاَزِمَتِهِ إِيَّايَ وَاقِباليِ عَلَيْهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذِلِكَ وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ
هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنٌ عَلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ أَُذُنٌ خَيْرٍ لَكُمْ الآية وَلَوْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِيَّ بِأَسْمَائِهِم لَسَمَّيْتُ وَأنْ أُومِيَ إِلَيْهِمْ بِأَعْيَانِهِمْ لأوْمَأتُ وَأَنْ أَدُلَّ عَلَيْهِم لَدَلَلَتُ وَلَكِنّي وَاللَّهِ فِى أُمُورِهِمْ قَدْ تَكَرَّمْتُ وَكُلُّ ذلِكَ لاَ يَرْضَى اللهُ مِنِّي إِلاَّ أَنْ أُبَلِّغ مَا أنْزَلَ إِلَيَّ ثُمَّ تَلاَ يَآ أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فِي عَليٍّ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ اعْلَمُوا مَعَاشِرَ النَّاسِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ نَصَبَهُ لَكُمْ وَلِيّاً وَإِمَاماً مُفْتَرَضَاً طَاعَتُهُ عَلَى الْمُهَاجِرينَ وَالأَنْصَارِ وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَلَى البَادِي وَالحَاضِرِ وَعَلَى الأَعْجَمَيّ وَالْعَربِيّ والْحُرِّ وَالمَمْلُوكِ وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ وَعَلَى الأَبْيَضِ والأَسْوَدِ وَعَلَى كلِّ مُوَحِّدٍ مَاضٍ حُكْمُهُ جَايِزُ قُوْلُهُ نَافِذٌ أَمْرُهُ مَلْعُونٌ مَنْ خَالَفَهُ مَرْحُومٌ مَنْ تَبِعَهُ وَمَنْ صَدَّقَهُ فَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلَمِنْ سَمِعَ مِنْهَ وَأَطَاعَ لَهُ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّهُ آخِرُ مَقَامٍ أَقُومُهُ فِي هَذَا الْمَشْهَدِ فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَانْقَادُوا لأَمْرِ رَبِّكِمُ فَإِنَّ اللهَ عَزَّوَجَلَّ هُوَ رَبُّكُمْ وَوَلِيُّكُمْ وَإِلَهكُمْ ثُمَّ مِنْ دَونِهِ رَسُولُهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَم وَلِيُّكُمْ الْقَآئِمُ الْمُخَاطِبُ لَكُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِي عَليٌّ صَلوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَلِيُّكُمْ وَإمَامُكُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ رَبِّكُمْ ثُمَّ الإِمَامَةُ ذُرِّيَتِي مِنْ وُلْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَوْمَ يَلْقُوْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ حَلاَلَ إِلاَ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَلاَ حَرَامَ إلاَّ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَرَّفَنِي الحَلاَلَ والحَرَامَ وَأنَا أَفْضَيْتُ بِمَا عَلَّمَنِي رَبّي مِنْ كِتَابِهِ وَحَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ إِلَيْهِ مَعَاشِرَ النَّاسِ مَا مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ وَقَدْ أحْصَاهُ اللَّهُ فِي كُلّ عِلْمٍ عَلِمْتُهُ فَقَدْ أحْصَيْتُهُ فِي عَليٍّ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَمَا مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ وَقَدْ عَلَّمْتُهُ عَلِيّاً وَهُوَ الإِمَامُ الْمبِينَ مَعَاشِرَ النَّاسِ لاَ تَضِلُّوا عَنْهُ وَلاَ تَنْفِرُوا مِنْه وَلاَ تَسْتنْكفُوا مِنْ وِلاَيَتِهِ فَهُوَ الَّذِي يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَيَعْمَلُ بِهِ ويزْهَقُ الْبَاطِلَ وَيَنْهَى عَنْهُ وَلاَ تَأَخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لآئِمٍ ثُمَّ إِنَّهُ أوَّلُ مَنْ آمَنَ باللهِ وَرَسُولِهِ وَالَّذِي فَدَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَىّ اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمْ بِنَفْسِهِ وَالَّذِي كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَىَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَمْ وَلاَ أَحَدَ يَعْبُدُ اللَّهَ مَعَ رَسُولِهِ مِنَ الرِّجَالِ غَيُرُهُ مَعَاشِرَ النَّاسِ فَضِّلُوهُ فَقَدْ فَضَّلَهُ اللَّهُ وَاقْبَلُوهُ فَقَدْ نَصَبَهُ اللَّهُ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّهُ إِمَامٌ مِنَ اللَّهِ وَلَنْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَى أَحَدٍ أَنْكَرَ وَلايَتَهُ وَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ حَتْماً علَى اللّهَ أَنْ يَفْعَلَ ذَالِكَ مِمَّنْ خَألفَ أَمْرَهُ فِيهِ وَأنْ يُعَذِّبَهُ عَذَاباً نُكْراً أبَدَ الآبَادِ وَدَهْرَ الدُّهُورِ فَأحْذَرُوا أنْ تُخَالِفُوهُ فَتُصْلَوْا نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرينَ أَيَُّهَا النَّاسِ بِي وَاللَّهِ بُشِّرَ الأَوَّلُونَ مِنَ النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وَأَنَا خَاتِمُ الأنْبياء وَالْمُرْسَلِينَ وَالْحُجّةُ عَلَى جَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرضِينَ فَمَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَهُوَ كَافِر كُفْرَ الْجَاهِلِيَّةَ الأُولى وَمَنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ قَوْلِي هَذَا فَقَدْ شَكَّ فِي الْكُلِّ مِنْهُ وَالشَّاكُّ فِي الْكُلِّ فَلَهُ النَّارُ مَعَاشرَ النَّاس حَبانِيَ اللَّهُ بهِذِهِ الْفَضِيلَةِ مَنّاً مِنْهُ عَلَيَّ وَإِحْسَاناً مِنْهُ إلَيَّ وَلاَ إِلَهَ إلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ مِنّي أَبَدَ الآبِدِينَ وَدَهْرَ الدَّاهِرينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، مَعَاشرَ النَّاس فَضِّلُوا عَلِيّاً فَإنَّهُ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدِي مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى بِنَا أَنْزَلَ اللَّهُ الرِّزْقَ وَبَقِيَ الْخَلْق مَلْعُونٌ مَغْضُوبٌ مَغْضُوبٌ مَنْ رَدَّ قَوْليِ هذَا وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ إلاَّ إنَّ جَبْرِئِيلَ خَبَّرَنِي عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بِذلِكَ وَيَقُولُ مَنْ عَادَى عَلِيّاً وَلَمْ يَتَوَلَّهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَتي وَغَضَبِي فَلْتَنْظُرُ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ أَنْ تُخَالِفُوهُ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ مَعَاشرَ النَّاسِ إِنَّهُ جَنْبُ اللَّهِ نَزَلَ فِي كِتَابِهِ يَا حَسْرَتى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ مَعَاشرَ النَّاسِ تَدَبَّرُوا الْقُرْآنَ وَافْهَمُوا آياتِهِ وَانْظُروا إِلَى مُحْكمَاتِهِ وَلاَ تَتَّبِعُوا مُتَشَابِهَهُ فَوَاللَّهِ لَنْ يُبَيِّنَ لَكُمْ زَوَاجِرَهُ وَلاَ يُوَضِحُ لَكُمْ تَفْسِيرَهُ إلاَّ الَّذِي أَنَّا آخِذٌ بِيَدِهِ وَمُصْعِدُهُ إِلَيَّ وَشَائِلٌ بِعَضُدِهِ وَمُعِلِّمُكُمْ أَنَّ مَنْ كُنْتَ مَوْلاَهُ فَهذَا عَلَيٌُّ مَوْلاَهُ وَهُوَ عَلَيُّّ بْنُ أِبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمْ أَخِي وَوَصيي وَمُوالاَتُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَهَا عَلََيَّ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ عَلِيّاً وَالطَّيِّبِينَ مِنْ وُلْدِي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم َأجْمَعِينَ هُوَ الثِّقْلُ الأَصْغَرُ وَألْقُرآنُ هُوَ الثِّقْلُ الأَكْبَرُ فَكُلُّ وَاحدٍ مُنْبىءٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَمُوَافِقٌ لَهُ لَنْ يَفتَرِقَا حَتّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ أُمَنَآءُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَحُكَّامُهُ فِي أَرْضِهِ أَلاَّ وَقَدْ بَلَّغْتُ أَلاَ وَقَدْ أَدَّيْتُ أَلاَ وَقَدْ َأسْمَعْتُ أَلاَّ وَقَدْ أَوْضَحْتُ أَلاَ وَإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَأنَا قُلْتُ عِنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ألاَ إِنَّهُ لَيْسَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَواتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ غَيْرَ أخي هذَا وَلاَ تَحِلُّ إِمْرَةُ الْمُؤمِنِينَ لأَحَدٍ غَيرْهِ ثَمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إلَى عَضُدِهِ فَرَفَعَهُ وَكَانَ مُنْذُ أَوَّلِ مَا صَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَىْ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمْ شَالَ عَلِيّاً حَتّى صَارَتْ رِجْلُهُ مَعَ رُكْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمْ ثُمَّ قَالَ مَعَاشرَ النَّاسِ هَذَا عَليٌّ أخي وَوَصِيّي وَوَاعي عِلْمي وَخَلِيفَتي عَلَى أُمَّتِي وَعَلى تَفْسِير كِتَابِ اللَّهِ وَالدَّاعِِي إِلَيْهِ وَالْعَامِلُ بِمَا يَرْضاهُ وَالْمُحارِبُ لأَعْدَائِهِ وَالْمُوالِي عَلَى طَاعَتِهِ وَالنَّاهِي عَنْ مَعْصِيَتِهِ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَىَّ اللَّهُ عَلْيِهِ وَآلِهِ وَسَلّمْ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالإِمَامُ الهَادِي وَقَاتِلُ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمُارِقِينَ بِأَمْرِ اللَّهِ أَقُولُ مَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لدَيَّ بِأَمِرِ اللَّهِ رَبِّي أَقُولُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ والاَهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ وَالْعَنْ مَنْ أَنْكَرَهُ وَاغْضَب عَلَى مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ اللَّهُمَّ إنَّكَ أنْزَلْتَ عَلَيَّ أَنَّ الإِمَامَةَ لِعَلِيَّ وَلِيِّكَ عِنْدَ تِبْياني ذلِكَ وَنَصبْي إيَّاهُ عَلَمَاً بِمَا أَكْمَلْتَ لِعِبَادِكَ مِنْ دِينِهِمْ وَأَتْمَمْتَ عَلَيْهِمْ نِعْمَتَكَ وَرَضِيتَ لَهُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَقُلْتَ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الأخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ اللَّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُكَ أنّي قَدْ بَلّغْتُ مَعَاشِرَ النَّاسِ إنَّمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أكْمَلَ دِينَكُمْ بِإمَامَتِهِ فَمَنْ لَمْ يَأتَمَّ بِهِ وَبِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وُلْدِي مِنْ صُلْبِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَالْعَرْضِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ لاَ يُخَفِّفُ اللُّه عَنْهُمُ الْعَذابَ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ.
مَعَاشِرَ النَّاسِ هذَا عَليٌّ أَنْصَرُكُمْ لِي وَأَحَقُّكُمْ بِي وَأَقْرَبُكُمْ إليَّ وَأَعَزُّكُمْ عَلَيَّ واللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَا عَنْهُ رَاضِيانِ وَمَا نَزَلَتْ آيةُ رِضًى إلاَّ فِيهِ وَمَا خَاطَبَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا إلاَّ بَدَأَ بِهِ وَلاَ نَزَلَتْ آيَةُ مَدْحٍ فِي الْقُرْآنِ إلاَّ فِيهِ وَلاَ شَهِدَ اللَّهُ بِالْجَنَّةِ فِي هَلْ أَتَىَ عَلَى الإنْسَانِ إلاَّ لَهُ وَلاَ أَنْزَلَهَا فِي سِوَاهُ وَلاَ مَدَحَ بِهَا غَيْرَهُ.
مَعَاشرَ النَّاسِ هُوَ نَاصرُ دِينِ اللَّهِ وَالْمُجادِلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَىّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمْ وَهُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الْهادي المُهْدي نَبِيُّكُمْ خَيْرُ نَبِيٍّ وَوَصِيُّكُمْ خَيْرُ وَصِيٍّ وَبَنُوهُ خَيْرُ الأَوْصِياءِ.
مَعَاشِرَ النَّاسِ ذُرِّيّةُ كُلَّ نَبِيٍّ مِنْ صُلْبِه وَذُرِّيَتي مِنْ صُلْبِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ مَعَاشِرَ النَّاسِ إنَّ إِبْلِيسَ أَخْرَجَ آدمَ عَلَيْهِ السَّلاَمْ مِنَ الْجَنَّةِ بِالْحَسدِ فَلاَ تَحْسُدُوهُ فَتَحْبِطَ أَعْمَالَكُمْ وَتَزِلَّ أَقْدَامُكُمْ فَإِنَّ آدَمَ أُهْبِطَ إلَى الأَرْضِ بِخَطيئةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ صَفْوَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَيْفَ بِكُمْ وَأَنْتُمْ أَنْتُمْ وَمِنْكُمْ أَعْدَآءُ اللهِ أَلاَّ إِنَّهُ لاَ يُبْغِضُ عَلِيّاً إِلاَّ شَقِيٌّ وَلاَ يَتَوَلَّى عَلِيّاً إلاَّ تَقِيٌّ وَلا يُؤمِنُ بِهِ إلاَّ مُؤْمِنٌ مُخْلِصٌ وَفِي عَلِيٍّ وَاللهِ أُنْزِلَ سُورَةُ الْعَصْرِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصِرْ إلَى آخِرِهِ.
مَعَاشِرَ النَّاسِ قَدِ اسْتَشْهَدْتُ اللهَ وَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَتِي وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ مَعَاشِرَ النَّاسِ اتَّقوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ مَعَاشِرَ النَّاسِ آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِس وَجُوهاً فَنَرُدَّ عَلَى أَدْبَأرِهَا مَعَاشِرَ النَّاسِ النُّوُرُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فيَّ ثُمَّ مَسْلُوكٌ فِي عَليٍّ ثُمَّ فِي النَّسْلِ مِنْهُ إِلَى القَآئِمِ المهْدِيّ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ الَّذِي يَأْخُذُ بِحَقِّ اللهِ وَبِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَنَا لأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَنَا حُجَّةً عَلَى الْمُقٌصرِّيِنَ وَالْمُعَانِدِينَ وَالْمُخَالِفِينَ وَالْخَآئِنِينَ وَاْلآثِمينَ وَالظَّالِمينَ مِنْ جَمِيعِ الْعَالَمِينَ.
مَعَاشِرَ النَّاسِ إنّي أُنْذِرُكُمْ أَنّي رَسُولُ اللهِ إلَيْكُمْ قَدْ خَلَتْ مَنْ قَبْلِي الرُّسُلُ َأفَإنْ مِتُّ أَوْ قُتِلْتُ إنْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكَمْ وَمَنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقْبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ألا إنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلامْ الْموْصُوفُ بالصَّبْرِ وَالشُّكْرِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدي مِنْ صُلْبِهِ مَعَاشِرَ النَّاسِ لاَ تَمَنُّوا عَلَى اللهِ تَعَالَى إِسْلاَمَكُمْ فَيُسْخِطَ عَلَيْكُمْ وَيُصيبَكُم بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ إنَّهُ لَبِالْمِرْصَادِ مَعَاشِرَ النَّاسِ سَيَكُونَ مِنْ بِعْدِي أَئِمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنْصَرُونَ مَعَاشِرَ النَّاسِ إنَّ اللهَ وَأَنَا بَرِيئانِ مِنْهُمْ.
مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّهُمْ وََأَشْيَاعَهُمُ وَاتَبْاعَهُمْ وَأَنْصَارَهُمْ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَبِئْسَ مَثَوَى الْمُتَكَبِّرينَ ألا إنَّهُمْ أَصْحَابُ الصَّحيفَةِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ فِي صَحِيفَتِهِ قَالَ فَذَهَبَ عَلَى النَّاسِ الا شرذمة منهم أمر الصحيفة مَعَاشرَ النَّاسِ انِّي أَدَعُهَا أَمَانَةً وَوِرَاثَةً فِي عَقِبِي إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَدْ بَلَّغْتُ مَا أُمِرْتُ بِتَبْلِيغِهِ حُجَّةً عَلَى كُلِّ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ وَعَلَى كُلِّ أحَدٍ مِّمَنْ شَهِدَ أَو لَمْ يَشْهَدْ وُلِد أَو لَمْ يُولَدْ فَلْيُبلِغ الْحَاضرُ الْغَآئِبُ وَالْوَالِدُ الْوَلَدَ إلَى يَوْمِ الْقِياَمَةِ وَسَيَجْعَلُونَهَا مِلْكاً اغْتِصاباً أَلا لَعنَ اللهُ الْغَاصِبِينَ وََالْمُغْتَصِبِينَ وَعِنْدَهَا سَنَفْرُغ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ فَيُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُواظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٍ فَلاَ تَنْتَصِرَانِ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ عَزَّوَجَلَّ لَمْ يَكُنْ يَذَرْكُمْ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَميزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّهُ مَا مِن قَرْيةٍ إلاَّ وَالله مُهْلِكُهَا بِتَكْذِيِبِهَا وَكَذلِكَ يُهْلٍكَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ كَمَا ذَكَرَ اللّهُ تَعَالَى وهُوَ إِمَامِكُمْ وَوَليُّكُمْ وَهُوَ مَواعِيدُ اللّهِ وَاللّهُ يَصْدُقُ مَا وَعَدَهُ مَعَاشِرَ النَّاسٍ قدْ ضَلَّ قَبْلَكُمْ أكْثَرُ الأَوَّلِينَ وَاللّهُ لَقَدْ أَهْلَكَ الأَوَّلِينَ وَهُوَ مُهْلِكُ الآخِرِينَ.
مَعَاشِرَ النَّاسِ إنَّ اللّهَ قَدْ أَمَرَنِي وَنَهَاني وَقَدْ أَمَرْتُ عَلِيّاً وَنَهَيْتُهُ فَعَلِمَ الأَمْرَ وَالنَّهْيَ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاسْمَعُوا لأَمِرِهِ تَسْلَمُوا وَأطِيعُوهُ تَهَتَدُوا وَانْتَهُوا لِنَهْيِهِ تَرْشَدْوا وَصِيرُوا إلَى مُرَادِهِ وَلاَ تَتَفَرَّقَ بِكُمُ السُّبُلُ عَنْ سَبِيلِهِ أَنَا صِرَاطُ اللّهِ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي أمَرَكُمْ بِاتِّبَاعِهِ ثُمَّ عَلِيٌّ مِنْ بَعْدِي ثُمَّ وُلْدِي مِنْ صُلْبِهِ أَئِمَةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ثُمَّ قَرَأَ الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ إلَى آخِرِهَا وَقَالَ فِيَّ نَزَلَتْ وَفِيْهِم نَزَلَتْ وَلَهُمْ عَمَّتْ وإيَّاهُمْ خَصَّتْ أَولَئِكَ أَوْلِيَآءُ اللّهِ لا َخَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ألاَ إنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ألاَ إنَّ أَعْدَآءَ عَلِيٍّ هُمْ أَهْلُ الشِّقَاقِ وَهُمُ الْعَادُونَ وَاخِوْانُ الشَّياطِينِ الذِّيِنَ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُروْراً أَلاَ إِنَّ أَْوليَآءَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ تَعَالَى لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَومُ الآخِرِ يُوَادّوُنَ مَنْ حَادَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ إلَى آخِرِ الآيَةِ ألاَ إنَّ أَوْلِيَآءَهُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بُظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ألاَ إنَّ أَوْلِيَآءَهُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ آمِنِينَ وَتَتَلَقّاهُمُ الْملآئِكَةُ بألتَّسْلِيمِ انْ طِبْتُمْ فَادخُلُوهَا خَالِدِينَ ألاَ إنَّ أَوْلِيَآءَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَدْخلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ألاَ إنَّ أَعْدَائَهُمُ الَّذِينَ يَصْلَوْنَ سَعِيراً ألاَ إنَّ أَعْدَآئَهُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ لِجَهَنَّمَ شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ وَلَهَا زَفِيرٌ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا الآيَةَ ألاَ إنَّ أَعْدَآءَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّمَا أُلِقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ الآيَة ألاَ إنَّ أَوْلِيَآءَهُمُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأجْرٌ كَبِيرٌ مَعَاشِرَ النَّاسِ شَتّانَ مَا بَيْنَ السَّعِيرِ وَالْجَنَّةِ عَدُوُّنَا مَنْ ذَمَّةُ الله وَلَعَنَهُ وَوَلِيُّنا مَن أَحَبَّةُ اللّهِ وَمَدَحَهُ مَعَاشِرَ النَّاسِ ألاَ وَإنّي مُنْذِرٌ عَلِيٌّ هَادٍ مَعَاشرَ النَّاسِ إنِّي نَبِيٌّ وَعَلِيٌّ وَصِيّي ألاَ وَإنَّ خَاتَمَ الأَئِمَّةِ مِنّا الْقَآئِمُ الْمُهْدِيُّ صَلَوَاتُ اللّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ ألاَ إِنَّهُ الظَّاهِرُ عَلَى الدِّينِ ألاَ إنَّهُ الْمُنْتَقِمُ مِنَ الظَّالِمِينَ ألاَ إنَّهُ فَاتِحُ الْحُصُونِ وَهَادِمُهَا ألاَ أنَّهُ قَاتِلُ كُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ ألاَ إنَّهُ مُدْرِكٌ كُلِّ ثَارٍ لأوْلِيَاءِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ألاَ إنَّهُ نَاصِرُ دِينِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ألاَ إنَّهُ الْغَرَّافُ مِنْ بَحْرٍ عَمِيقٍ ألاَ إنَّهُ يَسِمُ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَكُلَّ ذِي جَهْلٍ بِجَهْلِهِ ألاَ إنَُّ خِيرَةُ اللّهِ ومُختارُهُ ألاَ إنَّهُُ وَارِثُ كُلِّ عِلْمٍ وَالْمُحِيطُ بِهِ ألاَ إنَّهُ الْمُخَبرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمُنَبِّهُ بِأَمْرِ إِيمَانِهِ ألاَ إنَّهُ الرَّشيدُ السَّدِيدُ ألاَ إنَّهُ الْمُفوَّضُ إلَيْهِ ألاَ إنَّهُ قَدْ بُشِّرَ بِهِ مَنْ سَلَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ ألاَ إنَّهُ الْبَاقِيَ حُجَّةً بَعْدَهُ وَلاَ حَقَّ إلاَّ مَعَهُ وَلاَ نُورَ إلاَّ عِنْدَهُ ألاَ إنَّهُ لاَ غَالِبَ لَهُ وَلاَ مَنْصُورَ عَلَيْهِ ألاَ إنَّهُ وَلَيُّ اللّهِ في أرْضهِ وَحَكَمُهُ فِي خَلقِهِ وَأَمِينُهُ فِي سِرِّهِ وَعَلاَنَيَتِهِ مَعَاشرَ النَّاسِ قَدْ بَيَّنْتُ لَكُمْ وَأَفْهَمْتُكُمْ وَهَذَا عَلِيٌّ يُفْهِمُكُمْ بَعْدِي ألاَ وإنَّ عِنْدَ إنْقِضَاءِ خُطْبَتي أَْدعُوكُمْ إلَى مُصافَقَتِي عَلَى بَيْعَتِهِ وَاْلإقْرَارِ بِهِ ثُمَّ مُصَافَقَتِهِ مِنْ بِعْدِي ألاَ وإنَّي قَدْ بَايَعْتُ اللّهُ وَعَلِيٌّ قَدْ بَايَعَنِي وأنَا آخِذُكُمْ بِالْبَيْعَةِ لَهُ عَنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ الآية مَعَاشِرَ النَّاسِ إنَّ الْحَجَّ وَالصَّفَا وَالْمرْوَةَ والْعُمْرَةَ مِنْ شَعَآئِرِ اللّهِ فِمَنْ حَجَّ الْبِيْتَ أوِ اعْتَمِر الآيَة.
مَعَاشِرَ النَّاسِ حِجٍُّوا الْبَيْتَ فَمَا وَرَدَهُ أَهْلُ بَيْتٍ إلاَّ اسْتَغْنَوْا وَلا َتَخَلَّفُوا عَنْهُ إلاَّ افْتَقَرُوا مَعَاشرَ النَّاسِ مَا وَقَفَ بِالموْقِفِ مُؤْمِنٌ إِلاَّ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِ إِلَى وَقْتِهِ ذلِكَ فَإِذَا انْقَضَتْ حَجَّتُهُ إِسْتُأُنِفَ عَمَلَهُ مَعَاشِرَ النَّاسِ الحُجّاج مُعانُونَ وَنَفَقَاتُهُمْ مُخَلَّفَةٌ وَاللّهُ لاَ يُضَيّغُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.
مَعَاشِرَ النَّاسِ حَجُّوا الْبَيْتَ بِكَمَالِ الدِّينِ وَالتَّفَقُّهِ وَلاَ تَنْصرِفُوا عَنِ الْمشَاهِدِ إلاَّ بِتَوْبَةٍ وَاقْلاَعٍ مَعَاشرَ النَّاس أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكْوَةَ كَمَا أَمَرَكُمْ اللّهُ تَعَالَى لَئِنْ طَالَ عَلَيْكُمُ الأَمَدُ فَقَصُرْتُمْ أَوْ نَسِيتُمْ فَعَلِيٌّ وَلِيُّكُمْ وَمُبَيِّنُ لَكُمْ الَّذِي نَصَبَهُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدِي وَمَنْ خَلَفَهُ اللهُ مِنِّي وَمِنْهُ يُخْبِرُكُمْ بِمَا تَسْأَلُونَ عَنْهُ وَيُبَيِّنُ لَكُمْ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ألاَ إنَّ الْحلاَلَ وَالْحَرَامَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ أُحْصِيهُمَا وَأُعَرِّفَهُمَا فَآمُر بالْحَلاَل وَأنْهَى عَن الْحَرام في مَقامٍ وَاحِدٍ فَأمَرْتُ أَنْ آخُذَ الْبَيْعَةَ عَلَيْكُمْ وَالصَّفْقَةَ لَكُمْ بِقُبُولِ مَا جئْتُ بِهِ عِنِ اللّهِ تَعَالَى فِي عَليّ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَالأَئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ صَلوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ الَّذِينَ هُمْ مِنِّي وَمِنْهُ أَمَّةٌ قَائِمَةٌ وَمِنْهُمُ الْمُهْدِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الَّذِي يَقْضِِي بالْحَقِّ مَعَاشرَ النَّاسِ وَكَلُّ حَلاَلٍ دلَلْتُكُمْ عََلَيْهِ وَكُلّ حَرَامٍ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَإِنَّي لَمْ أَرْجعْ عَنْ ذلِكَ وَلَمْ أُبدّل ألا فاذْكُرُوا ذلِكَ وَاحْفَظُوهُ وَتَواصَوْا بِهِ وَلا تُبَدِّلُوهُ وَلاَ تُغَيِّرُوهُ ألاَ وإِنّي أُجَدِّدُ الْقْولَ ألاَ فأقِيمُوا الصَلاةَ وَآتوا الزَّكاةَ وأمُرُوا بالْمعْرُوفِ وَانْهَوْا عَن الْمُنْكَر ألاَ وإِنَّ رأسَ الأمْر بِالْمَعْرُوفِ أن تَنْتَهُوا إلَى قَوْلِي وَتُبَلِّغُوهُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ وَتَأمُرُوهُ بِقَبُولِهِ وَتَنْهَوْهَ عَنْ مُخَالَفَتِهِ فَِإنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنِّي وَلاَ أَمْرَ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ إلاَّ مَعَ إمَامٍ مَعْصُومٍ.
مَعَاشرَ النَّاسِ الْقُرْآنُ يُعَرِّفُكُمْ أَنَّّ الأَئِمَّةَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدُهُ وَعَرَّفْتُكُمْ أَنَّهُمْ مِنِّي وَمِنْهُ حَيْثُ يَقُولُ اللّهُ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ وَقُلْتُ لَنْ تَضِلُّوا مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا مَعَاشرَ النَّاسِ التَّقْوَى التَّقْوَى احْذَرُوا السَّاعَةَ كَمَا قَالَ اللّهُ تَعَالَى إنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٍ عَظِيمٌ أُذْكُروا الْممَاتَ وَالْحِسَابَ وَالْموازِينَ وَالْمُحَاسَبَةَ بَيْنَ يَدَي رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالثَّوابَ وَالْعِقَابَ فَمَنْ جَآءَ بِألْحَسَنةِ أُثِيبَ وَمَنْ جَآءَ بالسَّيِّئَةِ فَلَيْسَ لَهُ فِي الْجِنَانِ نَصِيبٌ.
مَعَاشرَ النَّّاسِ إِنَّكُمْ أَكْثَرُ مِنْ أن تُصافِقُوني بِكَفٍ وَاحِدَةٍ وَأمَرَني اللّهُ أَنْ آخُذَ مِنْ الْسِنَتِكُمْ الإقْرَارَ بِمَا عَقَدْتُ لِعَليٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ إِمْرَةِ الْمُؤمِنِينَ وَمَنْ جَآءَ بَعْدَهُ مِنَ الأئِمَّةَ مِنِّي وَمِنْهُ عَلَى مَا أَعْلَمْتُكُمْ أَنَّ ذُرِّيَتي مِنْ صُلْبِهِ فَقُولُوا بِأَجْمَعِكُمْ إِنَّا سَامِعُونَ مُطِيعُونَ رَاضُونَ مُنْقَادُون لِمَا بَلَّغْتَ عَنْ رَبِّنَا وَرَبِّكَ فِي أَمْرِ عَلِيٍّ وَأَمْرِ وُلْدِهِ مِنْ صُلْبِهِ مِنَ الأَئِمَّةِ نُبَايِعُكَ عَلَى ذَلَكَ بِقُلُوبِنَا وَأنْفُسِنَا وَأَلْسِنَتِنَا وَأيْدِينَا عَلَى ذلِكَ نَحْيى وَنُموتُ وَنُبعَثُ وَلاَ نُغَيِّرُ وَلاَ نُبَدِّلُ وَلاَ نَشُكُّ وَلاَ نَرْتَابُ وَلاَ نَرْجِعُ عَنْ عَهْدٍ وَلاَ نَنْقُضُ الْميِثَاقَ وَنُطِيعُ اللّهَ وَنُطِيعُكَ وعَلَيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَوُلْدَهُ الأَئِمَّةَ عَلَيْهُمُ السَّلاَمُ الَّّذِينَ ذَكَرْتَهُمْ مَنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنْ صُلْبِهِ بَعْدَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ الَّذِينَ قَدْ عَرَّفْنُكُمْ مَكَانَهُمَا مِنِّي وَمَحَلّهُمَا عِنْدِي وَمَنْزِلَتَهُمَا مِنْ رَبِّي فَقَدْ َأدَّيْتُ ذلِكَ إلَيْكُمْ وَإِنهمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وإنَّهُمَا الإِمَامَانُ بَعْدَ أبِيهِمَا عَلِيٍّ وَأَنَا أَبُوهُمَا قَبْلَهُ وَقُولُوا أطَعْنا اللّهَ بِذِلِكَ وَإِيَّاك وَعَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَالأَئِمَّةَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ ذَكَرْتَ عَهْداً وَمِيثَاقاً مَأُخُوذاً لأَمِيِرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمِ مِنْ قَلُوبِنَا وَأَنْفُسِنَا وَألْسِنَتِنَا وَمُصافَقَةِ أيْدِينَا مَنْ أَدْرَكَهُمَا بِيَدِهِ وَأَقَرَّ بِهِمَا بِلِسَانِه لاَ نَبْتَغِي بذلِكَ بَدَلاً وَلاَ نَرَى مِنْ أَنْفُسِنَا عَنْهُ حِوَلاً أَبَداً أشْهَدْنَا اللّهَ وَكَفَى بِاللهِ شهِيداً وَأنْتَ بِهِ عَلَيْنَا شَهِيدٌ وَكُلُّ مَنْ أَطَاعَ مَّمِنْ ظَهَرَوا واسْتَتَرَ وَمَلاَئِكَةِ اللّهِ وَجُنُوِدِهِ وَعِبِيدِهِ وَاللّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَهِيدٍ.
مَعَاشرَ النَّاس مَا تَقُولُونَ فَإنَّ الله يَعْلَمُ كُلَّ صَوْتٍ وَخَافِيَةَ كُلِّ نَفْسٍ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَنْ بَايَعَ فَإنَّمَا يُبَايِعُ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوْقَ أيْدِيهْمْ مَعَاشِرَ النَّاسِ فَاتَّقُوا الله وبَايِعُوا عَلِيّاً صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَاْلأَئِمَّةَ عَلَيْهِمْ السَّلاَمَ كَلِمَةً بَاقِيَةً يُهْلِكُ اللهُ مَنْ غَدَرَ وَيَرْحَمُ اللّهُ مَنْ وَفَى وَمَنْ نَكَثَ فِإِنَّما يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ الآية.
مَعَاشرَ النَّاسِ قُولُوا الَّذِي قُلْتُ لَكُمْ وَسَلِّمُوا عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ الصَّلاْةُ والسَّلاَمُ بِأمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَقُولُوا سَمِعْنَا وَاطَعْنَا غُفْرانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المصِيرُ وَقُولُوا الْحَمْدُ لّلّه الَّذِي هَدَانَا لِهذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِي لَوْلاَ أنْ هَدَانا اللّهُ مَعاشرَ النَّاسِ إنَّ فَضَائِلَ عَلَيَّ بْنِ أبِي طَالِبٍ عِنْدَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ أَنْزَلَهَا عَلِيٍّ فِيَّ الْقُرْآنِ أكْثَرَ مِنْ أَنْ أُحْصِيهَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فَمَنْ أَنْبَاكُمْ بِهَا وَعَرَّفَهَا فَصَدِّقُوهُ مَعَاشرَ النَّاسِ مَنْ يُطِع اللّهَ وَرَسُولَهُ وَعَلِيّاً وَاْلأَئِمَّةَ الذِينَ ذَكَرَتُمْ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً مَعَاشرَ النَّاسِ السَّابِقُونَ إلَى مُبَايَعَتِهِ وَمُوَالاَتِهِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ أُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ مَعَاشرَ النَّاسِ قُولُوا مَا يَرْضَى اللّهُ بهِ عنكم من الْقَوْلِ فَإنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً آللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاغْضَبْ عَلَى الْكَافِرِينَ وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ.
فَناداهُ الْقَوْمُ نَعَمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا عَلَى أَمْرِ اللّهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ بِقُلُوبِنَا وَأَلْسِنَتِنَا وَأَيْدِينَا. وتداكّوا على رسولِ اللّهِ صلىّ اللّهُ عليه وآله وسلم وعلى عَليّ وصَافَقُوا بأيديهم فكان أوّل من صافق رسول اللّهِ الأوّل والثاني والثالث والرابع والخامس وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناسِ عن آخرهم على طبقاتهم وقدرة منازلهم الى أن صلّيت العشاء والعتمة في وقت واحد وواصلوا البيعة والمصافقة ثلاثاً ورسولُ الله صلىّ الله عليه وآله وسلم يقول كلّما بايع قوم { الْحَمْدُ لِلّه الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى جَمِيعِ الْعالَمِينَ } وصارت المصافقة سنّة ورسماً يستعملها من ليس له حقّ فيها"
.
والقميّ قال: نزلت هذه الآية في منصرف رسول الله من حجّة الوداع وحجّ رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم حجّة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة "وكان من قوله في خطبته بمنى أن أحمد لله وأثنى عليه ثم قال:
أيهّا النّاس اسمعوا قولي واعقلوه عنّي فانّي لا أدري لعليّ لا القاكم بعد عامي هذا ثمّ قال هل تعلمون أيّ يوم أعظم حرمة.
قال النّاس هذا اليوم.
قال فأيّ شهر.
قال النّاس هذا الشهر.
قال: وأيّ بلد أعظم حرمة؟
قالوا بلدنا هذا.
قال: فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الى يوم تلقون ربّكم فيسألكم عن أعمالكم ألا هل بلّغت أيها الناس قالوا نعم.
قال اللَّهُمَ اشهد ثمّ قال أَلا كلّ مأثرة أو بدع كانت في الجاهلية أو دم أو مال فهو تحت قدميّ هاتين ليس أحدكم أكرم من أحد الاّ بالتّقوى ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم.
قال: اللَّهم اشهد ثم قال: ألا وكلّ رباً كان في الجاهلية فهو موضوع وأوّل موضوع منه رباء العبّاس بن عبد المطّلب الا وكلّ دمٍ كان في الجاهلية فهو موضوع وأوّل موضوع منه دم ربيعة أَلا هل بلّغت قالوا نعم قال اللَّهمّ اشهد ثم قال ألا وانّ الشيّطانَ قَدْ يئس أن يعبد بأرضكم هذه ولكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم ألا وانّه اذا اطيع فقد عبد ألاّ أيهّا الناس انّ المسلم أخ المسلم حقّاً ولا يحلّ لامرئ مسلم دم أمرء مسلم وماله الاّ ما أعطاه بطيبة نفس منه وانّي أُمرت أن أُقاتل النّاس حتّى يقولوا لاَ إله إلا الله فاذا قالوها فقد عصمُوا منّي دماءهم وأموالهم الاّ بحقّها وحسابهم على الله ألا فهل بلّغت أيهّا الناس قالوا نعم قال اللّهم اشهد ثم قال أيهّا الناس احفظوا قولي تنتفعُوا به بعدي وافقهوه تنتعشوا الا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسّيف على الدنيا فان أنتم فعلتم ذلك ولتفعلنّ لتجدوني في كتيبة بين جبرئيل وميكائيل اضرب وجوهكم بالسّيف.
ثم التفت عن يمينه وسكت ساعة ثم قال انشاء الله أو عليّ بن أبي طالب ثم قال ألا وانّي قد تركت فيكم أمرين إنْ أخذتم بهما لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي صلوات الله عليهم فانّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنهّما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض أَلا فمن اعتصم بهما فقد نجا ومن خالفهما فقد هلك أَلا هل بلّغت قالوا نعم قال اللَّهم اشهد ثم قال ألا وانّه سيرد عليّ الحوض منكم رجال فيعرفون فيدفعون عني فأقول ربّ أصحابي فيقال يا محمّد إنهّم قد أحدثوا بعدك وغيرّوا سنّتك فأقول سحقاً سحقاً فلّما كان آخر يوم من أيّام التّشريق أنزل الله تعالى { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } [النصر: 1] فقال رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم نُعيتُ إلى نفسي ثم نادى الصّلاة جامعة في مسجد الخيف فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال نضر الله امرءً سمع مقالتي فوعاها وبلّغها لمن لم يسمعها فربّ حامل فقه غير فقيه وربّ حامل فقه إلى من هو افقه منه، ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب أمرئ مسلم اخلاص العمل لله والنّصيحة لأئمّة المسلمين ولزوم جماعتهم فان دعوته محيطة من ورائهم المؤمنون اخوة تكافي دماءهم يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم أيهّا النّاس إنّي تارك فيكم الثقلين.
قالوا: يا رسول الله وما الثّقلان؟
فقال كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانّه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنهّما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض كاصبعيّ هاتين وجمع بين سبابتيه ولا أقول كهاتين وجمع بين سبابتيه والوسطى فتفضل هذه على هذه فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا يريد محمد صلىّ الله عليه وآله وسلم أن يجعل الإِمامة في أهل بيته فخرج منهم أربعة نفر إلى مكة ودخوا الكعبة وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا فيما بينهم كتاباً إنْ أمات الله محمّداً صلىّ الله عليه وآله وسلم أو قتله ان لا يردّ هذا الأمر في أهل بيته أبداً فأنزل اللّهُ على نبيّه في ذلك { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [الزخرف: 80] فَخَرَجَ رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم من مكّة يريد المدينة حتّى نزل منزلاً يقال له غدير خمّ وقد علّم الناس مناسكهم وأوعز إليهم وصيّته إذ أنزل الله عليه هذه الآية { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } الآية فقام رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم فقال تهديد ووعيد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أيها الناس هل تعلمون من وليّكم؟ قالوا: نعم الله ورسوله.
قال ألستم تعلمون أنّي أولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى قال: اللّهم اشهد فأعاد ذلك عليهم ثلاثاُ كلّ ذلك يقول مثل قوله الأوّل ويقول النّاس كذلك ويقول اللّهم اشهد ثم أخذ بيد أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه فرفعه حتى بدا للنّاس بياض ابطيه ثم قال ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه اللهمّ والِ من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأحبّ من أحبّه ثم قال: اللهّم اشهد عليهم وأنا من الشاهدين فاستفهمه عمر بين أصحابه فقال: يا رسول الله هذا من الله أو من رسوله؟
فقال رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم نعم هذا من الله ومن رسوله إنّه أمير المؤمنين وإمام المتّقين وقائد الغُرِّ المحجّلين يقعده الله يوم القيامة على الصرّاط فيدخل أولياءه الجنّة وأعداءه النّار فقال أصحابه الذين ارتدّوا بعده قال محمد صلىّ الله عليه وآله وسلم في مسجد الخيف ما قال وقال هاهنا ما قال وان رجع الى المدينة يأخذنا بالبيعة له فاجتمع أربعة عشر نفراً وتوامروا على قتل رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم وقعدوا له في العقبة وهي عقبة هرشى بين جحفة والإِيواء فقعدوا سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها لينفروا ناقة رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم فلّما جنّ عليه الليل تقدّم رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة العسكر فأقبل ينعس على ناقته فلما دنا من العقبة ناداه جبرئيل يا محمّد إنّ فلاناً وفلاناً قعدوا لك فنظر رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم فقال من هذا خلفي فقال حذيفة بن اليمان أنا حذيفة بن اليمان يا رسول الله قال سمعت ما سمعت قال بلى قال فاكتم ثم دنا رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم منهم فناداهم بأسمائهم فلما سمعوا نداءَ رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم مرّوا ودخلوا في غمار الناس وقد كانوا عقلوا رواحلهم فتركوها ولحق الناس برسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم وطلبوهم وانتهى رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم إلى رواحلهم فعرفها فلما نزل قال ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن أمات الله محمّداً أو قتله ان لا يردّوا هذا الأمر في أهل بيته أبداً فجاءوا إلى رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم فحلفوا أنهّم لم يقولوا من ذلك شيئاً ولم يريدوه ولم يهمّوا بشيء في رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم فأنزل الله يحلفون بالله ما قالوا ان لا يردّوا هذا الأمر في أهل بيت رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم وهمّوا بما لم ينالوا من قتل رسول الله صلىّ الله عليه وسلم وآله وسلم { وَمَا نَقَمُوا إلاَّ أَنْ اغْناهُمُ اللّهُ وََسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرَاً لَهْمْ وَإنْ يَتَوَلَّوْا نُعَذِّبْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلَيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } فرجع رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وبقي بها المحرّم والنّصف من صفر لا يشتكي شيئاً ثمّ ابتداً به الوَجَعَ الّذي توفىَ فيه"
.
وفي المجمع "روي أنّ النّبيّ صلىّ الله عليه وآله وسلم لمّا نزلت هذه الآية قال لحرّاس من أصحابه يحرسونه الحقوا بملاحقكم فإنّ الله عصمني من النّاس" .