التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ
١٠٠
تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ
١٠١
وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ
١٠٢
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ
١٠٣
-الأعراف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (100) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَآ } يخلفون من خلا قبلهم في ديارهم وانّما عدى يهد باللاّم لأنّه بمعنى يبيّن { أنْ لَّوْ نَشَآءُ } أنه لو نشاء { أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ } بجزاء ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم { وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهمْ } مستأنف يعني ونحن نطبع على قلوبهم { فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } سماع تفهم واعتبار.
{ (101) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا } بعض أنبائها { وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } بالمعجزات { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } عند مجيئهم بها { بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ } من قبل مجيئهم القمّي قال لا يؤمنون في الدنيا بما كذّبوا في الذرّ وهو ردّ على من أنكر الميثاق في الذّرّ الأوّل.
وفي الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام أنّ الله خلق الخلق فخلق من أحبّ مما أحبّ وكان ما أحبّ أن خلقه من طينة الجنّة وخلق من أبغض ممّا أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار ثم بعثهم في الظلال فقيل وأيّ شيء الظلال قال ألم تر إلى ظلّك في الشمس شيء وليس بشيء ثم بعث منهم النبيّين فدعوهم الى الإِقرار بالله وهو قوله ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ الله ثمّ دعوهم الى الإِقرار بالنبيّين فأقرّ بعضهم وأنكر بعض ثمّ دعوهم الى ولايتنا فأقرّ بها والله من أحبّ وأنكرها من أبغض وهو قوله تعالى وما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل ثم قال عليه السلام كان التكذيب ثمّ.
وفي رواية أخرى فمنهم من أقرّ بلسانه ولم يؤمن بقلبه فقال الله وما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل.
والعياشي عنهما عليهما السلام أنّ الله خلق الخلق وهم أظلّة فأرسل إليهم رسوله محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلم فمنهم من آمن به ومنهم من كذّبه ثم بعثه في الخلق الآخر فآمن به من آمن به في الأظلّة وجحده من جحده يومئذ فقال ما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل.
وعن الصادق عليه السلام في هذه الآية بعث الله الرّسل إلى الخلق وهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء فَمَنْ صدّق حينئذ صدّق بعد ذلك ومن كذّب حينئذٍ كذّب بعد ذلك { كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ }.
{ (102) وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ } وفاء عهد فانّ أكثرهم نقضوا عهد الله إليهم في الإِيمان والتقوى { وَإنْ وَجَدْنَآ أكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ } وانه علمنا أكثرهم خارجين عن الطاعة.
في الكافي عن الكاظم عليه السلام انّها نزلت في الشّاك.
وعن الصادق عليه السلام أنّه قال لأبي بصير يا أبا بصير انّكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا وانكم لن تبدلوا بنا غيرنا ولو لم تفعلوا لعيّركم الله كما عيّرهم حيث يقول جلّ ذكره وما وجدنا لأكثرهم من عهد وان وجدنا أكثرهم لفاسقين.
والعيّاشي عن أبي ذر والله ما صدق أحد ممّن أخذ ميثاقه فوفي بعهد الله غير أهل بيت نبيّهم وعصابته قليلة من شيعتهم وذلك قول الله { وما وجدنا لأكثرهم من عهد وان وجدنا أكثرهم لفاسقين } وقوله
{ { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الرعد: 1]. { (103) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بآيَاتِنَآ } بالمعجزات { إِلَى فِرْعَونَ وَمَلأِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا } بأن كفروا بها مكان الإِيمان الذي هو من حقّها لوضوحها ولهذا المعنى وضع ظلموا موضع كفروا وفرعون لقب لمن مََلَكَ مصر ككِسرى لمن ملك فارس وقيصر لمن ملك الرّوم وكان اسمه قابوس او الوليد بن مصعب بن الريّان { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ } في الإِكمال عن الباقر عليه السلام في حديث ثم أنّ الله تبارك وتعالى أرسل الأسباط اثني عشر بعد يوسف ثم موسى وهرون إلى فرعون وملأه الى مصر وحدها.
والعيّاشي مرفوعاً أنّ فرعون بني سبع مداين يتحصّن فيها من موسى وجعل فيما بينها آجاماً وغياضاً وجعل فيها الأُسدَ ليتحصن بها من موسى قال فلمّا بعث الله موسى إلى فرعون فدخل المدينة فلمّا رآهُ الأسد تبصبصت وولّت مدبرة ثم قال لم يأت مدينة الا انفتح له بابها حتى انتهى الى قصر فرعون الذي هو فيه قال فقعد على بابه وعليه مدرعة من صوف ومعه عصاه فلمّا خرج آذن قال له موسى استأذن لي على فرعون لم يلتفت إليه قال فمكث بذلك ما شاء الله يسأله أن يستأذن له قال فلمّا أكثر عليه قال له أما وجد ربّ العالمين من يرسل غيرك قال فغضب موسى فضرب الباب بعصاه فلم يبق بينه وبين فرعون باب الا انفتح حتى نظر إليه فرعون وهو في مجلسه فقال ادخلوه فدخل عليه وهو في قبّة له مرتفعه كثيرة الإِرتفاع ثمانون ذراعاً قال فقال إنّي رسول ربّ العالمين اليك قال فقال فأت بآية إن كنت من الصادقين قال فألقى عصاه وكان له شعبتان قال فاذا حيّة قد وقع احدى الشعبتين في الأرض والشعبة الاخرى في أعلى القبّة قال فنظر فرعون إلى جوفها وهو يلتهب نيراناً قال وأهوت إليه فأحدث وصاح يا موسى خذها.