التفاسير

< >
عرض

فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ
١٣٥
فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ
١٣٦
وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ
١٣٧
وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
١٣٨
-الأعراف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (135) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ } إلى حد من الزمان هم بالغوه { إذَا هُمْ يَنكُثُونَ } فاجأوا النكث وبادروه ولم يؤخروه.
{ (136) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } فاردْنا الإِنتقام منهم { فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ } في البحر الذي لا يدرك قعره { بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } القمّي مقطوعاً ونسب حديثه في المجمع إلى الباقر عليه السلام والصادق عليه السلام قال لما سجد السحرة وآمن به الناس قال هامان لفرعون إنّ الناس قد آمنوا بموسى فانظر من دخل في دينه فاحبسه فحبس كل من آمن به من بني إسرائيل فجاء إليه موسى فقال له خل عن بني إسرئيل فلم يفعل فأنزل الله عليهم في تلك السنة الطوفان فخرّب دورهم ومساكنهم حتى خرجوا إلى البريّة وضربوا الخيام.
فقال فرعون لموسى ادع لنا ربّك حتى يكف عنّا الطوفان حتى أخلّي عن بني إسرائيل وأصحابك فدعا موسى ربّه فكفّ عنهم الطوفان وهمّ فرعون ان يخلّي عن بني إسرائيل فقال له هامان إن خلّيت عن بني إسرائيل غلبك موسى وأزال ملكك فقبل منه ولم يخلّ عن بني إسرائيل فأنزل الله عليهم في السنة الثانية الجراد فجرّدت كل شيءٍ كان بهم من النّبت والشجر حتى كانت تجرّد شعرهم ولحيتهم فجزع فرعون من ذلك جزعاً شديداً وقال:
يا موسى ادع ربّك أن يكفّ عنّا الجراد حتى أخلّي عن بني إسرائيل وأصحابك فدعا موسى ربه فكف عنهم الجراد فلم يدعه هامان أن يخلّي عن بني إسرائيل فأنزل الله عليهم في السنة الثالثة القمّل فذهبت زروعهم وأصابتهم المجاعة فقال فرعون لموسى إن رفعت عنّا القمّل كففت عن بني إسرائيل فدعا موسى ربه حتى ذهب القمل وقال أوّل ما خلق الله القمّل في ذلك الزمان فلم يخلّ عن بني إسرائيل فأرسل الله عليهم بعد ذلك الضفادع فكانت تكون في طعامهم وشرابهم ويقال أنها تخرج من أدبارهم وآذانهم وآنافهم فجزعوا من ذلك جزعاً شديداً فجاؤا إلى موسى فقالوا:
ادع الله يذهب عنّا الضفادع فإنّا نؤمن بك ونرسل معك من بني إسرائيل فدعا موسى ربّه فرفع الله عنهم ذلك فلما أبوا أن يخلّوا عن بني إسرائيل حوّل الله ماء النيل دماً فكان القبطي رآه دماً والإِسرائيليّ رآه ماءً فإذا شربه الإِسرائيلي كان ماءً وإذا شربه القبطي يشربه دماً وكان القبطي يقول للإِسرائيلي خذ الماء في فمك وصبّه في فمي فكان إذا صبه في فم القبطي يحول دماً فجزعوا من ذلك جزعاً شديداً فقالوا لموسى لئن رفع عنا الدم لنرسلنّ معك بني اسرائيل فلما رفع الله عنهم الدم غدروا ولم يخلّوا عن بني إسرائيل فأرسل الله عليهم الرّجز وهو الثلج ولم يروه قبل ذلك فما توافيه وجزعوا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله فقالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرّجز لنؤمنن لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل فدعا ربّه فكشف عنهم الثلج فخلّي عن بني إسرائيل فلمّا خلّي عنهم اجتمعوا الى موسى وخرج موسى من مصر واجتمع إليه من كان هَرَب من فرعون وبلغ فرعون ذلك فقال له هامان قد نهيتك أن تخلّي عن بني إسرائيل فقد استجمعوا إليه فجزع فرعون وبعث في المدائن حاشرين وخرج في طلب موسى.
{ (137) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } يعني بني إسرائيل كان يستضعفهم فرعون وقومه وبالإِستعباد وذبح الأبناء { مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } يعني أرض مصر والشام ملكها بنو إسرائيل بعد الفراعنة والعمالقة وتمكّنوا في نواحيها { الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } بالخصب والعيش { وَتَّمَتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إسْرَآئِيلَ } ومضت عليهم واتصلت بانجاز عدته إياهم بالنصر والتمكين وهي قوله عزّ وجلّ
{ { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ } [القصص: 5] إلى قوله { { مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ } [القصص: 6] وقرء كلمات ربّك لتعدّد المواعيد { بِمَا صَبَرُواْ } بسبب صبرهم على الشدائد { وََدَمَّرْنَا } وخربنا { مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } من القصور والعمارات { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } من الجنان أو ما كانوا يرفعون من البنيان وقرء بضمّ الراء.
{ (138) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ } بعد مهلك فرعون { فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ } فمرّوا عليهم { يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ } يقيمون على عبادتهم { قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَآ إلَهاً } صنماً نعبده { كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ } يعبدونها { قَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }.