التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
١٥٧
قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
١٥٨
-الأعراف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (157) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ }.
في الكافي عنهما عليهما السلام الرسول الذي يظهر له الملك فيكلمه والنبيّ هو الذي يرى في منامه وربّما اجتمعت النبوّة والرسالة لواحد { الأُمِّيَّ } المنسوب الى ام القرى وهي مكة كذا في المجمع.
وعن الباقر والعياشي عنه عليه السلام أنّه سئل لم سمي النبيّ الامّي قال نسب إلى مكة وذلك من قول الله لتنذر أم القرى ومن حولها وامّ القرى مكة فقيل أمّي لذلك.
وفي العلل عن الجواد عليه السلام أنّه سئل عن ذلك فقال ما يقول الناس قيل يزعمون أنّه انّما سمي الأمّي لأنه لم يحسن أن يكتب فقال كذبوا عليهم لعنة الله انّى ذلك والله يقول هو الذي بعثني في الأُمّيين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن والله لقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقرء ويكتب باثنين وسبعين أو قال بثلاث وسبعين لساناً وانّما سمِّي الأُمّي لأنّه كان من أهل مكة ومكة من أمّهات القرى وذلك قول الله عز وجلّ تنذر أمّ القرى ومن حولها { الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ } باسمه ونعته العياشي عن الباقر عليه السلام يعني اليهود والنصارى صفة محمّد واسمه صلّى الله عليه وآله وسلم.
وفي المجالس عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قال يهوديّ لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إنِّي قرأت نعتك في التوارة محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله وسلم مولده بمكة ومهاجره بطيبة ليس بفظّ ولا غليظ ولا سخاب ولا مترنّن بالفحش ولا قول الخنا وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنّك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم هذا مالي فاحكم فيه بما أنزل الله.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام لما نزلت التورية على موسى بشر بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم قال فلم تزل الأنبياء تبشر به حتى بعث الله المسيح عيسى بن مريم فبشر بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم وذلك قوله يجدونه يعني اليهود والنصارى مكتوباً يعني صفة محمد صلّى الله عليه وآله وسلم عندهم يعني في التوراة والإِنجيل وهو قول الله عزّ وجلّ يخبر عن عيسى عليه السلام ومبشراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد.
وفيه مرفوعاً أنّ موسى ناجاه ربّه تعالى فقال له في مناجاته أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر فمثله في كتابك انه مهيمن على الكتب كلها وانه راكع ساجد راغب راهب اخوانه المساكين وانصاره قوم آخرون { يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عِنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ } يستفاد من بعض الروايات تأويل الطيبات بأخذ العلم مِن أهله والخبائث بقول من خالف { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } ويخفف عنهم ما كلفوا به من التكاليف الشاقة وأصل الأصر الثقل وقد مضى حديث وضع الأصر عن هذه الأمة في آخر سورة البقرة وقرء أصارهم { فَالَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِ وَعَزّرُوهُ } وعظّموه بالتقوية والذّبّ عنه وأصل التعزير المنع { وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ } قيل النور القرآن.
والعياشي عن الباقر عليه السلام النور عليّ عليه السلام.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام النور في هذا الموضع عليّ والأئمة عليهم السلام { أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }.
{ (158) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إلَيْكُمْ جَمِيعاً } في المجالس عن الحسن المجتبى عليه السلام قال
"جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقالوا يا محمد أنت الذي تزعم أنّك رسول الله وأنّك الذي يوحى إليك كما يوحى إلى موسى بن عمران فسكت النبيّ ساعة ثم قال نعم أنا سيّد ولد آدم ولا فخر وأنا خاتم النبيّين وإمام المتّقين ورسول ربّ العالمين قالوا إلى من إلى العرب أم إلى العجم أم إلينا فأنزل الله هذه الآية" { الَّذِي لَهُ مُُلْكُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ لآَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِِ وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ } يريد بها ما أنزل الله عليه وعلى من تقدمه من الرسل { وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }.
أقول: يعني إلى العلم اللّدنّي الموصل الى محبّة الله وولايته فانّه لا يحصل إلا بالإِيمان واتباع النبيّ ومن أمر النبي باتباعه.