التفاسير

< >
عرض

وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦١
وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ
٦٢
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٦٣
يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٦٤
يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ
٦٥
ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ
٦٦
-الأنفال

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (61) وَإنْ جَنَحُواْ } مالوا { لِلسَّلْمِ } للصلح والإِستسلاَم وقرئ بالكسر { فَاجْنَحْ لَهَا } وعاهد معهم وتأنيث الضمير لحملها على نقيضها الذي هي الحرب وقد مضى للآية بيان في قصة بدر.
والقميّ قال هي منسوخة بقوله ولا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون ونزلت هذه الآية وان جنحوا قبل نزول يسألونك عن الأنفال وقبل الحرب وقد كتبت في آخر السورة بعد انقضاء أخبار بدر.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل مَا السلم قال الدخول في أمرنا { وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ } ولا تخف من خديعتهم ومكرهم فانّ الله عاصمك وكافيك منهم { إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ } لأقوالهم { الْعَلِيمُ } بنيّاتهم.
{ (62) وَإِن يُريدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ } في الصلح بأن يقصدوا به دفع أصحابك عن القتال حتى يقوي أمرهم فيبدوكم به من غير استعداد منكم { فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ } محسبك الله.
القمي عن الباقر عليه السلام هؤلاءِ قوم كانوا معه من قريش { هُوَ الَّذِي أيَّدَكَ } قَوّاك { بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ }.
{ (63) وَألَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ } حتى صاروا متحابّين متوادّين بعدما كان بينهم من التضاغن والتحارب.
في المجمع والقميّ عن الباقر عليه السلام هم الأنصار وهم الأوس والخزرج.
وزاد القميّ كان بين الأوس والخزرج حربٌ شديد وعداوة في الجاهلية فألّف الله بين قلوبهم ونصر بهم نبيّه { لَوْ أنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ } يعني تناهى عداوتهم إلى حدّ لو أنفق منفق في اصلاح ذات بينهم ما في الأرض من الأموال لم يقدر على الإِلفة والإِصلاح { وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بِيْنَهُمْ } بالاسلام بقدرته البالغة فانّه مالك القلوب يقلّبها كيفَ يَشاء { إنَّهُ عَزِيزٌ } تامّ القدرة والغَلَبة لا يعصى عليه ما يريده { حَكِيمٌ } يعلم أنّه كيف ينبغي أن يفعل ما يريد.
{ (64) يَآ أيُّهَا النَّبيُّ حَسْبُكَ اللهُ } كافيك { وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } قيل نزلت بالبيداءِ في غزوة بدر قبل القتال.
{ (65) يَآ أَيُّهَا النَّبيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ } بالغ في حثّهم على القتال { إن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } هذه عِدَة من الله بأنّ الجماعة من المؤمنين أن صبروا وغلبوا عشرة أمثالهم من الكفّار بتأييد الله وقرء تكن بالتاءِ { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } بسبب أنّ الكفّار جهلة بالله واليوم الآخِر يقاتلون على غير احتساب الثواب ولا يثبتون ثبات المؤمنين الرّاجين لعوالي الدّرجات.
{ (66) الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً } وقرئ بفتح الضّاد { فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ } وقرئ تكن بالتّاءِ { يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ ألْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ } هذه الآية ناسخة لما قبلها.
في الكافي عن الصادق عليه السلام في حديث طويل ذكر فيه هذه الآية فقال نسخ الرّجلان العشرة.
والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام من فرّ من رجلين في القتال من الزّحف فقد فرّ من الزّحف ومن فرّ من ثلاثة رجال في القتال من الزّحف فلم يفرّ.
والقميّ ما يقرب من معنى الحديثين قيل كان فيهم قلّة أوّلاً فأمروا بذلك ثم لمّا كثروا خفّف الله عنهم { وَاللهُ مَعَ الصَّّابِرِينَ } بالنصر والمعونة فلا محالة يغلبون.