التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَٰناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
٢
ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
٣
أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٤
كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ
٥
يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ
٦
وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ
٧
لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ
٨
-الأنفال

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (2) إِنَّمَا الْمُؤمِنُونَ } أي الكاملون في الإيمان { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } فزعت لذكره استعظاماً له وهيبة من جلاله { وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً } ازدادوا بها يقيناً وطمأنينة نفس { وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } وإليه يفوّضون أمورهم فيما يخافون ويرجون.
{ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }.
{ (3) أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقّاً } لأنّهم حقّقوا إيمانهم بضمّ مكارم الأخلاق ومحاسن أفعال الجوارحِ إليه { لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ } كرامة وعلّو منزلة { وَمَغْفِرَةٌ } لما فرط منهم { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } أعدّ لهم في الجنّة، القمّي نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وأبي ذر وسلمان ومقداد.
في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنّة وبالزيادة في الإِيمان تفاضل المؤمنون بالدّرجات عند الله وبالنقصان دخل المفرّطون النار ويأتي صدر الحديث في أواخر سورة التّوبة إن شاء الله.
{ (5) كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإنَّ فَرِيقاً مِّنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } قيل يعني حالهم هذه في كراهة ما حكم الله في الأنفال مثل حالهم في كراهة خروجك من بيتك للحرب.
وفي المجمع في حديث أبي حمزة فالله ناصرك كما أخرجك من بيتك.
{ (6) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ } في إيثارك الجهاد اظهاراً للحق لا يثارهم تلقّى العير وأخذ المال الكثير على ملاقات النفير والجهاد مَعَ الجمّ الغفير { بَعْدَمَا تَبَيَّنَ } أنهّم يُنْصَرُون أينما توجهوا بأعلام الرّسُول { كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ } أي يكرهون القتال كراهة أن يساق إلى الموت وهو يشاهد أسبابه وكان ذلك لقلة عددهم وعدم تأهبهم للقتال.
{ (7) وَإذْ يَعِدُكُمُ اللهُ } على اضمار اذكر { إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أنَّهَا لَكُمْ } يعني العير او النفير { وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ } الحدّة { تَكُونُ لَكُمْ } يعني العير فانه لم يكن فيها إِلا اربعون فارساً ولذلك يتمنّونها ويكرهون ملاقات النّفير لكثرة عددِهِم وعدّتهم.
العياشي عن الصادق عليه السلام ذات الشّوكة التي فيها القتال { وَيُرِيدُ اللهُ أن يُحِقَّ الْحَقَّ } أن يثبته ويعليه { بِكَلِمَاتِهِ } قيل بآياتِهِ المنزلة في محاربتهم أو بأوليائه.
والقمّي قال الكلمات الأئمّة عليهم السلام { وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ } ويستأصلهم والمعنى أنّكم تريدون مالاً الاَّ تلقوا مكروهاً والله يريد اعلاءَ الدين واظهار الحق وما يحصل لكم به فوز الدارين.
{ (8) لِيُحِقَّ الْحَقَّ ويُبْطِلَ الْبَاطِلَ } فعل ما فعل وليس بتكرير لأنّ الأوّل لبيان مراد الله وتفاوت ما بينه وبين مرادهم والثاني لبيان الداعي إلى حمل الرسول على اختيار ذات الشوّكة ونصره عليها { وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ } ذلك.