التفاسير

< >
عرض

وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ
١٠٤
يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ
١٠٥
-هود

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ } اى الى وقت او فى وقت او لانقضاء امد { مَّعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ } ذلك اليوم على ان يكون الفاعل راجعاً الى اليوم المضاف او اليوم المشهود وقرئ يأتى باثبات الياء وحذفها اجراءً للوصل مجرى الوقف { لاَ تَكَلَّمُ } تتكلّم { نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } لظهور السّلطنة التّامّة والمالكيّة الكاملة بحيث يكون نسبة الكلّ اليه تعالى نسبة القوى والجوارح الى النّفس، فكما انّ حركات القوى والجوارح اذا كانت سليمة باقية على طاعة النّفس ليست الاّ بالاذن التّكوينيّ من النّفس الانسانيّة، كذلك لا يكون حركات الموجودات تماماً ومنها نطق الانسان وتكلّمه فى ذلك اليوم الاّ بالاذن التّكوينىّ من الله تعالى، ولا ينافيه قوله تعالى { { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُون وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ } [المرسلات:35]، لانّ ذلك بالنّسبة الى العاصين او بالنّسبة الى الاعتذار عن المعصية وهذا بالنّسبة الى المطيعين اوفى غير الاعتذار عن المعصية او ذلك فى يوم وموقف وهذا فى يوم وموقف آخر؛ بل نقول ذلك ايضاً يدلّ على توقف التّكلّم على الاذن موافقاً لهذا { فَمِنْهُمْ } اى من النّاس المذكورين او من صاحبى النّفوس المدلول عليهم بالنّفس المنكّرة الواقعة فى سياق النّفى الدّالة على العموم او من اهل المحشر المدلول عليهم التزاماً او من المتكلّمين وهو من عطف التّفصل على الاجمال ولذا اتى بالفاء { شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ } اى ومنهم سعيد فهو من عطف الاوصاف المتعدّدة لذوات متعدّدة لا لذوات واحدة واسقاط منهم للاشارة الى انّ القسمة غير مستوفاةٍ امّا لانّ الضّمير راجع الى جملة المبعوثين من الحيوان والانسان ولا يحكم على اكثرهم بالشّقاوة ولا بالسّعادة والاتيان بضمير ذوى العقول حينئذٍ للتّغليب او لانّ اكثر النّاس من السّواقط لا اعتناء بهم حتّى يدخلوا فى القسمة او لانّ الاكثر مؤخّر حكمهم الى الفراغ من حساب الاشقياء والسّعداء، وتقديم الشّقىّ امّا لانّ المقام للوعيد، او لكثرة الاشقياء بالنّسبة الى السّعداء، ولان يختتم الآية بذكر السّعداء والرّحمة.