التفاسير

< >
عرض

وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٦
-يوسف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } عطف على محذوفٍ اى يرفعك وكذلك يجتبيك ربّك، ويحتمل انّه كان مذكوراً فى المحكىّ فأسقطه الله عن الحكاية ايجازاً، او استيناف شبه العطف بلحاظ المعنى لانّه بعد ما قال: لا تقصص رؤياك استنبط منه انّ تلك الرّؤيا دليل رفعته والمشار اليه الاجتباء باراءة سجدة الكواكب { وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } أتى بمن للاشعار بأنّ لتأويل الاحاديث مراتب عديدة لا يحيط بجملتها الاّ الله، والاحاديث، قيل: اسم جمعٍ للحديث، وقيل: جمعٌ له على خلاف القياس، وقيل: جمع الاحداث وهو جمع الحديث او جمع الحدث بمعنى ما يحدث آناً فآناً، وتأويل الاحاديث عبارة عمّا تؤل اليه من مبدئها وغايتها ان كان التّأويل بمعنى المؤوّل اليه وان كان بمعناه المصدرىّ فالمقصود كيفيّة ارجاعها الى مبدئها ومنتهاها، ومبدء الكلّ وكذا غايته هو الله بتوسّط المبادى والغايات المتوسّطة فهو مبدء المبادى وغاية الغايات، وتأويل الاحاديث بهذا المعنى امر عظيم غامض جدّاً لا يتيسّر الاّ لمن كان رسولاً بعد ما كان عبداً وليّاً، والاحاطة بجميع مراتب التّأويل خاصّة بالله وبمن كان خاتم الكلّ فى كلّ الكمالات كما قال تعالى: لا يعلم تأويله الا الله خاصّة على ان يكون والرّاسخون ابتداء كلام او لا يعلم اجمال تأويل ما تشابه منه الاّ الله والرّاسخون فى العلم خاصّة { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } اصل النّعمة هو الولاية والنّبوّة صورتها المكمّلة لها وهكذا الرّسالة والنّعم الدّنيويّة والاخرويّة صورتها الدّانية والمراد باتمام نعمته عليه اتمام نعمة الولاية بنعمة النّبوّة والرّسالة والسّلطنة فى الدّنيا والآخرة هذا بالنّسبة الى من تحقّق بقبول الولاية او بحقيقة الولاية وامّا النّعمة واتمامها بالنّسبة الى من لم يقبل النّبوّة بعد او قبل النّبوّة بعد ولم يقبل الولاية فهى قبول النّبوّة واتمامها قبول الولاية كما فى قوله: { { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } [المائدة:3] يعنى باتّصال البيعة الاسلاميّة النّبويّة بالبيعة الايمانيّة الولويّة { وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ } بواسطتك واتمام النّعمة عليهم جمع خير الدّنيا والآخرة لهم بعد ما ازلّهم الشّيطان { كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ } باستحقاق كلّ وقدره { حَكِيمٌ } ينظر الى دقائق الاستحقاق فيعطى بحسبها وانت مستحقّ بحسب فطرتك فيعطيك ما تستحقّه.