التفاسير

< >
عرض

لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ
١٤
-الرعد

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ }.
اعلم، انّ الحقّ المطلق هو الاوّل تعالى والحقّ والمضاف هو فعله وكلّ حقّ حقّ بحقّيّة فعله بل متحقّق بفعله الّذى هو الولاية المطلقة كما مرّ مراراً، وكلّ قول وفعل وخلقٍ يكون عن ولاية اختيارية كما انّها آثار اخيتاريّة فهو حقّ بحقّيّتها، وكلّ مأذونٍ من الله بلا واسطة لدعوة الخلق اليه تعالى او لدعوة الخلق ايّاه وسيلة بينهم وبين الله فهو داعٍ حقّ ومدعوّ حقّ، ودعوة كلّ داع حقّ وكلّ مدعوّ حقّ هى دعوة الله تعالى ومنتهية اليه وخاصّة به لا مدخليّة لاحدٍ فيها من حيث انّ الدّاعى والمدعوّ الحقّين مظهران له تعالى وما يظهر ويتعلّق بهما يظهر ويتعلّق بالله، وامّا دعوة الدّاعى الباطل كخلفاء الجور ودعوتهم الى الاسلام والى الله وكذا دعوة الخلق المدعوّ الباطل كالاصنام والكواكب وخلفاء الجور باطلة وضائعة كنفس الدّاعى والمدعوّ حيث لا يترتّب عليه شيءٌ ولا ينتهى به الى شيءٍ، وبالجملة كلّ من لم يأذن الله فى كونه داعياً للخلق او للوسائط بينه وبين الله او مدعوّاً باطل كائناً من كان ودعوته ايضاً باطلة، وعلى هذا فقوله { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ } يحتمل ان يكون معناه والدّاعون الّذين يدعون الخلق الى اتّباعهم من دون اذن الله او حال كونهم من غير الله لا يستجيب المدعوّون لهم بشيءٍ وان يكون معناه والمدعوّون الّذين يدعوهم الخلق من دون اذن الله او من غير الله لا يستجيب المدعوّون للخلق بشيءٍ { إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ } الاّ كاجابة الماء لمن بسط كفّيه مشيراً اليه وداعياً الى نفسه او مغترفاً له { لِيَبْلُغَ } الماء { فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ } لعدم استشعاره بالاشارة او عدم حصوله فى الكفّ المبسوطة { وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } لله { إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } لانّ الكافر دعاءه لله دعاء للشّيطان من حيث لا يشعر او ما دعاء الكافرين للخلق الى انفسهم او الى الله او الى غيرهما، او ما دعاء الخلق للكافرين الاّ فى ضلال فى ضياع وعدم ترتّب الأثر وهو كالنّتيجة لسابقه.