التفاسير

< >
عرض

الۤمۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ
١
ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّـى يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ
٢
-الرعد

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ الۤمۤ } قد مضى نظائره { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ } فى الآية وجوه من الاعراب نظير ما سلف فى اوّل البقرة، والمراد بالّذى انزل القرآن والاحكام او القصص او الولاية { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَاوَاتِْ } مبتدء وخبر او مبتدء وصفة والخبر يدبّر الامر او يفصّل الآيات مع كون يدبّر الامر حالاً او صفةً لاجلٍ مسمّىً بتقدير فيه او مستأنفاً جواباً لسؤالٍ مقدّرٍ { بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا } مفهوم القيد يدلّ على انّ هناك عمداً ولكن لا ترونها، كما روى عن الرّضا (ع) ولمّا كان تماميّة العرش بوجه بتماميّة خلقه السّماوات والارض والاستواء عليه والاحاطة به بعد تمامّيته اشار اوّلاً الى خلقة السّماوات مرتفعة المستلزمة لخلقة الارض، فانّ الارتفاع لا يتصوّر الاّ بتحقّق الارض ثمّ اتى بالاستواء معطوفاً بثمّ للاشعار بذلك فقال { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } قد مضى معنى العرش والاستواء عليه فى سورة الاعراف { وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّـى } فى مدّة معيّنة لانقضاء دورة من الفلك وبانتظام تلك المدّة فى دورانها ينتظم امور العالم كما هو مشهود وهو دليل على كمال حكمته وعلمه، او كلّ يجرى الى غاية معلومة لجريه وهو وقت خراب السّماوات والارضين { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } المعلوم وهو فعله الّذى هو اضافته الاشراقيّة المسمّاة بالمشيّة والولاية المطلقة والحقيقة المحمّديّة (ص)، ومعنى تدبيره انزاله من مقامه العالى وتعليقه بكلّ ما يتعلّق به على وفق التّدبير الكامل والحكمة البالغة فالمعنى ينزّل الامر بالتّدبير الى اراضى القوابل، ولمّا كان الآيات فى مقام الامر بنحو الاجمال والوحدة موجودة بوجود واحد جمعىّ وبعد التّنزيل الى مقام الكثرة تصير موجودة بوجودات متكثّرة مفصّلة قال بعد ذلك { يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ } التّكوينيّة الآفاقيّة والانفسيّة والتّدوينيّة القرآنيّة { لَعَلَّكُمْ } بتدبير الامر على ما اقضته الحكمة من غير نقص وفتور فيه وبتفصيل الآيات الدّالة على كمال قدرة صانعها وتكثيرها تعلمون انّ لها صانعاً عليماً حكيماً قديراً ترجعون اليه وبعد ذلك العلم { بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ } فيكون عملكم على ما يرتضيه لا على ما يسخطه.