التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٣
-الرعد

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ } بسطها لستهيل توليد النّبات والحيوان فيها وتعيّشها على اكمل وجهٍ { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ } جبالاً ثوابت لتسهيل اخراج الماء من تحتها واجرائها على وجه الارض لسقى الزّروع والاشجار ولذلك ضمّ الانهار الى الجبال فقال { وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } فائدة التّأكيد بالاثنين الاشعار بانّ الاهتمام بالعدد لا بالجنس فقط والمراد بالاثنين الحاصل فى الجبال والجزائر من دون تربية مربٍّ، والمغروس والمزروع فى البساتين والمزارع بتربية الانسان كما فى قوله { { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } [الأنعام:143] الآية { يُغْشِي ٱلْلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ } يستره ويحيط به { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } المذكور { لآيَاتٍ } عديدة { لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } باستعمال عقولهم فى المبادى واستنباط الغايات منها وترتيب الحكم والمصالح عليها، ولمّا كان فى رفع السّماوات وجعل الارض وسطها وتسخير الشّمس والقمر فى جريهما وفى تدبير الامر وتعليقه بكلّ على حسب حاله، وفى مدّ الارض وجعل الرّواسى والانهار والاشجار والاثمار واللّيل والنّهار مصالح لا تحصى وحكم لا تضبط وآيات لا تعدّ والانتقال اليها يحتاج الى استعمال المتخيّلة باستخدام العقل والانتقال من المبادى اليها خصّصها بالمتفكّرين بخلاف ما بعده، فانّ كثرتها ليست بهذه المثابة ولذا اكتفى فيه بمحض العقل.