التفاسير

< >
عرض

رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ
٣٧
-إبراهيم

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي } بعض ذرّيّتى وهو اسماعيل وقد ورد فى اخبارنا: نحن بقيّة تلك الذرّيّة ونحن هم، ونحن بقيّة تلك العترة وكانت دعوة ابراهيم (ع) لنا خاصّةً { بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ } وادى مكّة { عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ } الّذى حرّم التّهاون به والتّعرّض بمن كان فى نواحيه وما كان فيها { رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } لمّا كان المقيم فى بلد الصّدر المنشرح بالاسلام والطائف حول بيت القلب مقيماً للصّلاة متوجّهاً الى الله وكان بلد مكّة وبيت الكعبة مظهرين لهما كان من كان مقيماً فيهما وكان فيه لطيفة آلهيّة يتوجّه الى الله توجّهاً اقوى واتمّ، ولذلك جعل الغاية اقامة الصّلاة { فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ } اى من بعضهم، وفى اخبارنا انّه لم يعن النّاس كلّهم اولئك انتم ونظراؤكم؛ بالخطاب لشيعتهم، وورد انّه: ينبغى للنّاس ان يحجّوا هذا البيت ويعظّموه لتعظيم الله ايّاه وان يلقونا حيث كنّا، نحن الادلاّء على الله { تَهْوِيۤ إِلَيْهِمْ } قرئ بكسر الواو وفتحها من هوى اذا سقط، وهوى اذا احبّ، وعلى اىّ تقدير فهو يدلّ على كمال المحبّة والاشتياق، وورد فى اخبارنا: انّ دعوة ابراهيم (ع) كانت فى حقّنا حيث لم يقل تهوى اليه حتّى يرجع الى البيت بل قال اليهم حال كون الضّمير راجعاً الى الّذرّيّة، وفى هذه الدّعوة طلب للتّوسعة على الذّرّيّة وطلب للنّجاة والفلاح للخلق { وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ } ثمرات الاشجار الطّبيعيّة وثمرات الاشجار الرّوحيّة وهى الوداد والانقياد والذّوق والمعرفة والوصال والاتّحاد وغير ذلك ممّا يظهر فى المعاد { لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } وبعد اتمام ما اراد من الدّعاء انتقل من مقام التّضرّع الى مقام الثّناء مثنيّاً بما يعين على اجابة دعوته فقال { رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ }.