التفاسير

< >
عرض

فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ
١٠
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } مستأنفة جواباً عمّا ينبغى ان يسأل عنه من حالهم او من علّة مخادعة الله او علّة عدم الشّعور او مستأنفة للدّعاء عليهم او حال من فاعل الفعل الاّول او الثّانى او الثّالث، والمرض علّة فى الحيوان لا تلائم مزاجه الطّبيعىّ واهل الحسّ خصّصوه بما فى بدن الحيوان ولا اختصاص له به بل يعمّه وما فى نفسه من الاعراض الغير الملائمة لمزاجها الالهىّ لانّ كلّ ما يخرج نفس الانسان عمّا هى عليه بحسب التّكوين والتّكليف فهو مرضها وقد مضى انّ للقلب اطلاقاتٍ عديدة والمراد بالقلوب هنا امّا القلوب الصّنوبريّة الجسمانيّة فانّها لشدّة غيظهم وحقنهم دمائها فى شدّة الغليان او من شدّة خوفهم دمائها فى عدم الغليان وكلاهما غير ملائم لمزاجها او القلوب المعنويّة وامراضها بجملة الرّذائل الشّيطانيّة.
{ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً } دعاءٌ او اخبارٌ، وازدياد مرضها بازدياد بعدها عن الخصائل وتمكّنها فى الرّذائل { وَلَهُم عَذَابٌ } دعاء او اخبارٌ { أَلِيمٌ } صيغة مبالغة من الم اذا وجع، وتوصيف العذاب بالاليم مجازاً للمبالغة فى شدّته كأنّ العذاب من شدّته متعذّب بنفسه، ويجوز ان يراد معنى المولم مثل ارادة المطهّر من الطّهور لانّ المبالغة فى مثله تقتضى التّعدّى الى الغير وهذا أبلغ من الاوّل لانّه يفيد تألّم العذاب بحيث يقتضى تألّمه الم الغير بتألّمه { بِمَا كَانُوا } بكونهم او بشيئ او بالّذى كانوا { يَكْذِبُونَ } قرئ بالتّخفيف وبالتّشديد من كذّبه اذا نسبه الى الكذب او من كذّب اللازم للمبالغة او التّكثير والكذب كالصّدق يستعمل كثيراً فى الاقوال لكن لا اختصاص له بها بل كلّ فعل او حال او خلق او شأن يصدر من الانسان يكون مطابقاً لما يقتضيه حقيقة الانسانيّة فهو صدق، وكلّما لم يكن كذلك فهو كذب.