التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ ٱلسُّفَهَآءُ أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ
١٣
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ } لمّا كان القائل هو الرّسول او المؤمنين اشار تعالى شأنه الى أنّ النّاصح لهم جمع بين وصفى التّحذير والتّرغيب والانذار والتبشير وانّهم ردّوا عليه كلا شقىّ نصحه والمراد بالايمان الايمان بالرّسول (ص) بالبيعة العامّة مع تواطؤ القلب واللّسان او الايمان بعلىّ (ع) { كَمَآ آمَنَ ٱلنَّاسُ } بالبيعة مع محمّد (ص) او علىّ (ع) مع تواطؤ القلب والعزم على الوفاء بما أخذ عليهم من الشّروط والمواثيق ويجوز ان يراد بالايمان فى قولهم "آمنّا بالله" الاذعان او التّصديق وان يراد به هاهنا ايضاً ذلك لكنّ الايمان اذا اطلق فى الكتاب والسّنّة يراد به البيعة العامّة او الخاصّة او ما بعد التّوبة من أجزاء البيعة او الحالة الحاصلة بالبيعة وامّا محض الاقرار بالتّوحيد والرّسالة فلم يكن يسمّى بالايمان حالة حياة الرّسول (ص) وما نقل فى تفسير الامام يدلّ على أنّ المراد به البيعة مع علىّ (ع). { قَالُوۤاْ } مع نظرائهم من المنافقين لا مع المؤمنين والنّاصحين فانّهم لمخادعتهم للمؤمنين واخفاء حالهم عنهم لا يكاشفون بمثل هذا الجواب معهم { أَنُؤْمِنُ } انكاراً لصدور مثل ايمان المؤمنين الّذين هم سفهاء بظنّهم عن مثلهم { كَمَآ آمَنَ ٱلسُّفَهَآءُ } السّفيه غير الرّشيد وهو المحجور عليه الّذى يحتاج الى القيّمّ، ويطلق على خفيف العقل الّذى لا يكون افعاله على ما ينبغى ولا يكون مبذّراً ولا منميّاً لما له كما ينبغى، ويطلق على من لا يعرف الحقّ ولا ينقاد تحت حكم حاكمٍ الهىٍّ، وكثيراً ما يستعمل فى الآيات والاخبار بهذا المعنى، ولمّا رأوا المؤمنين على حالة لا يرتضيها عقولهم الشّيطانيّة مع انقيادهم ظاهراً وباطناً لمحمّد (ص) او علىّ (ع) وعدم قدرتهما بزعمهم على محافظة اتّباعهما من اعدائهم سمّوهم سفهاء، ولمّا كان اتّباع المؤمنين وانقيادهم لخليفة الله هو مقتضى العقل ومقتضى معرفة الحقّ وخروج المنافقين عن الانقياد والخديعة مع العباد خروجاً عن مقتضى العقل السّليم وعن مقتضى معرفة الحقّ حصر تعالى شأنه السّفاهة فيهم مؤكّداً بالتّأكيدات العديدة حصر قلب ليفيد نفيها عمّن نسبوها اليهم فقال { أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ } قد مضى وجه الاتيان بأدوات التّأكيد واداة الاستدراك.