التفاسير

< >
عرض

كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٢١٦
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ } مستأنف منقطع عمّا قبله مثل سابقه ولا حاجة الى تكلّف الارتباط بينهما فانّ كلاً من هذه بيان لحكم من احكام الرّسالة غير الحكم الآخر { وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ } اعلم انّ ملائمات النّفس كلّها مطلوبة محبوبة للانسان فى مرتبته البشريّة ومؤلمات النّفس كائنة ما كانت مكروهة له فى مرتبته البشريّة، وكثيراً ما يكون الانسان جاهلاً بانّ ملائمات النّفس ومكروهاتها ملائمة لقوّته العاقلة او غير ملائمة، والقتال من حيث احتمال النّفس تلفها وتلف اعضائها وتعبها فى الطّريق وحين البأس والخوف من العدوّ وسماع المكروه من المقاتلين وغير ذلك مكروه لها، لكنّه من حيث تقوية القلب والاتّصاف بالشّجاعة والتّوكّل على الله والتّوسّل به وتحصيل قوّة السّخاء وقطع النّظر عن الآمال وغير ذلك من المحامد الحاصلة بسببه خيرٌ للانسان، وهكذا الحال فى سائر ملائمات النّفس ومؤلماتها؛ ولذلك قال تعالى: { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ } انّ فى القتال وفى سائر ما كرهتموه الّذى أمركم الله به خيراً لكم ولذلك يأمركم بها { وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ولذلك تكرهون.