التفاسير

< >
عرض

بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٨١
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ بَلَىٰ } جواب عن ادّعائهم انّ العذاب ليس بدائم { مَن كَسَبَ سَيِّئَةً } اصله سيوء على وزن فيعل والتّاء للنّقل مثل تاء الحسنة، وسيّئة الانسان ما لا يلائم انسانيّته سواء كان ملائماً لنفسه وحيوانيّته ام لا، وأتى بالكسب المشير الى بقاء السّيّئة دون الاتيان والفعل والعمل الدّالة على حدوثها للاشارة الى انّ المستلزم لدخول النّار والخلود فيها هو الاثر الحاصل فى النّفس من فعل السّيّئة لا الحركات والافعال الغير القارّة زمانين { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ } ولمّا كان كسب السّيّئة والاثر الباقى منها فى النّفس غير كافٍ فى استلزام الخلود ما لم يسدّ طرق الخروج الى الجنان بتمامها أضاف اليه احاطة الخطيئة والخطيئة الاثم عدل الى الاسم الظّهر لاقتضاء مقام الوعيد التّطويل وتكرار لفظ القبيح والاتيان بالالفاظ العديدة القبيحة { فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } مصاحبين مجانسين لها ولم يكتف بالصّحابة المشعرة بالسّنخيّة المشيرة الى الخلود وصرّح بالخلود مؤكّداً للتّطويل والتّشديد فقال تعالى: { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لمّا كان المقام هاهنا مقتضياً للاهتمام بالوعيد للرّدّ على المغرورين بانكار الخلود قدّم الوعيد وأتى بلفظ من المشتركة بين الشّرطيّة والموصولة وأتى فى الخبر بالفاء المؤكّدة للتّلازم وأتى فى الوعد بصريح الموصول ولم يأت بالفاء فى الخبر بخلاف ما سبق من قوله تعالىٰ: { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، وَٱلَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }؛ فانّ المقام هناك يقتضى الاهتمام بالوعد دون الوعيد.