التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٩٣
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ } قائلين على لسان موسى (ع) { خُذُواْ مَآ آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ } من قلوبكم وأبدانكم قد مضت الآية فلا نعيد تفسيرها، وكرّره لاقتضاء مقام الذّمّ تكرار الذّمائم والتّطويل بها { وَٱسْمَعُواْ } ما يقال لكم من تفضيل محمّد (ص) وعلىّ (ع) على سائر الانبياء والاوصياء او من أحكام التّوراة واقبلوه { قَالُواْ } بعد ذلك { سَمِعْنَا } ولم نقبل بل { وَعَصَيْنَا } او قالوا حين الخطاب سمعنا وأردنا العصيان او عصينا بقلوبنا { وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ } ادخلوا باشرابهم الماء الّذى فيه برادة العجل فى قلوبهم اللّحمانيّة جرم العجل وفى قلوبهم الرّوحانيّة وبال عبادته، وذلك أنّه لمّا نزل توبة العابدين للعجل بالقتل انكر بعض عبادة العجل ووشى بعضهم ببعضٍ فقال الله عزّ وجلّ ابرد هذا العجل الذّهب بالحديد برداً ثمّ ذرّه فى البحر فمن شرب من العابدين ماءه اسوّد شفتاه وأنفه ان كان ابيض اللّون وابيّضا ان كان اسود وبان ذنبه، ففعل فبان العابدون وكانوا ستّمائة ألفٍ الاّ اثنى عشر ألفاً وهم الّذين لم يعبدوا العجل فأمر الله الاثنى عشر الفاً ان يخرجوا على الباقين شاهرين سيوفهم وعن الباقر (ع) فى حديثٍ: فعمد موسى (ع) فبرد العجل من انفه الى طرف ذنبه ثمّ أحرقه بالنّار فذرّه فى اليمّ فكان أحدهم ليقع فى الماء وما به اليه من حاجة فيتعرّض لذلك الرّماد فيشربه وهو قول الله تعالى { وأشربوا فى قلوبهم العجل } وعلى الخبر الاوّل فالمعنى ادخلوا باشراب موسى (ع) لهم الماء المخلوط ببرادة العجل جرم العجل فى قلوبهم الجسمانيّة ووباله فى قلوبهم الرّوحانيّة. وعلى الثّانى أدخلوا باشراب حبّ العجل لهم الماء المخلوط ببرادته جرم العجل فى قلوبهم وقيل: المعنى وأشربوا فى قلوبهم حبّ العجل { بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ } قتلكم لانبياء الله واتّخاذكم العجل الهاً او كفركم بى { إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } بموسى (ع) والتّوراة، ولمّا كان زعم اليهود أنّ دينهم حقٌّ وما سوى دينهم باطلٌ وأنّهم اولياء الله دون غيرهم وانّ الدّار الآخرة خالصة لهم قال الله { قُلْ } يا محمّد (ص) لهم { إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }.